(2)
ذاكرة الحجب

الخروج إلى القلعة

مسرحية شعرية في خمسة مشاهد

تأليف 
علاء الدين رمضان  

ضع إعلانك هنا

المشهد الثاني

ذاكرة الحجب

[المسرح فراغ خلفيته : المشهد السابق .. ، إضاءته خافتة بينما تتركز بقعة من الضوء على العاشقين .. ويسمع من الخارج صوت له نبرات قوية وجادة ] :

العقل في الرأس ما .. لَتّْ

لكن الجمجمة مالت ..

 

الصوت

[ يدخل رجلان وقوران يحملان منضدة مستطيلة يتنافى حملها مع وقارهما الظاهر ، ومن الناحية الأخرى يدخل خمسة عبيد ببشرتهم السوداء المميزة يحمل كل واحد منهم على ظهره صخرة ينحني معها ظهره تماماً ، يلفون حول المنضدة ، ثم يضعون أحمالهم خلفها ، فيجلس السيدان كل واحد منهما على صخرة بينما العبيد يقفون في الخلف صفاً واحداً متجاوراً أيديهم معقودة على صدورهم ، ثم يدخل رجل آخر وقور الهيئة ، وأكثر تميزاً من الآخرين ، ويجلس بينهما ، وما إن يستقر به المقام حتى يدخل شاب في العشرين من عمره ( هو ) حاملاً سياجاً حديدياً على هيئة قضبان سجن لها قواعد للتثبيت ضيعها من الناحية اليمنى للمسرح في الركن المقابل للجمهور ، ثم يقف خلف هذه القضبان ن بينما يتكلم الوجهاء الثلاثة في صوت واحد ، ويراعى ذلك في موضعه من المشهد حتى نهايته ؛ وبالإمكان تخيل أنهم ثلاث نسخ مكررة لشخص واحد .. ]

[بصوت واحد ]

القضاة

 

جئت على قدر يا "علاء الدين".. ،

ـ ألا ساءت أيامك .. .. ـ 

مهدنا لك قلباً حجرياً كالثلج .. ،

تذوبه تذكاراتك .. ؟!.

سُــؤْ .. .. .. !!.

القضاة

لا ساءت ساعات ترحمنا

إذ جابت طرقات الروح الحرجة ..

من سقط الغربة ،

أو جبَّ الترحال .. ،

إلى وطن ، في طيات القلب مزامير رؤاه .. ،

ولذلك جئت .. ، 
توسدت طريقاً للموت 
.. / إلى امرأة ذابت في .. ،

وذبت على كفيها .. ،

فتبخرنا .. !! .  

هـــــــو

 تلك الخارجة على الأعراف 
.. وكيف تبخرت السوسنة وطارت بسماء الحقل 
.. وهذا القيد المحكم من طين وحذر 
.. ، كيف انفك .. ؟!

القضاة

 امرأتي جدول حزن دفاق 
.. ينبع من خوفي ..
ويصب على شطآن فؤادي ـ خوفاً ..
يرهقني 
.. إذ أدخل ملكوتي ..
مقتولاً باللقيا 
.. وسهام مودتنا ..

هـــــــو

حدد اسماً بشرياً لامرأتك 
.. من عرفت خطوك فوق طرائقها ..
 

القضاة

لم تعرفني بشرياً 
.. كد على موقفه 
.. كي يرسم قلباً

مشطوراً بسهام العشق .. ، 
ولم أعرفها امرأة 
تعشق قاعدة الناس ـ البشريين ـ
فكنا غرباء طريقتنا ..

إذ شفت عني 
.. فكشفت فؤادي ..

امرأتي زهرة هذا القلب البيضاء .. ،

وأنا سقاء 
كل صباح أخرج من قلبي حبات ندى 
.. ونسائم 
.. ، حتى أذعنت إليكم 
.. للعسكر ..

هــــــــو

لكن أشواك الزهرة وخزتك .. ، 
وتركتك جريحاً ..
 

القضاة

ظنت أني بشري الروح ..

فانصاعت للحجب ..

ووخزتني الزهرة .. ،

فصرخت .. ،

وساعتها .. استنهضت شفاعتها ..

فبكتْ .. ،

ورحلتُ إلى أسري معكم .. .. !! .  

هــــــــو

قلت بكت والبكيا للضعفاء ..

القضاة

البكيا للبشري الأسمى ..  

هــــــــو

 لك أن تدرك أن امرأتك تسمو فوق البشريين .. ،

وتبقى .. 
تحصر في معدودات البشر لدينا ..

وستفهم سر ترحمك اليوم ..

على ما ضاع بفيء الغربة

ما ضاعف غربته : القلب .. ،

لترحالك .. ،

لكنك ما أدركت إلى الآن 
أن جذور الزهرة 
ليست لك 
.. ؟!!.

القضاة

كيف 
وهذا غرسي 
ورُوَائِي 
فيَّ رنين أغانيها 
يملأ سمعي .. 
وعلى قبو القلعة رسم تآخينا ..
 

هــــــــو

هل كانت تأتي القلعة ..؟

ـ انظر .. ـ

ذياك الشبح الذهبي .. ـ

فراودها شيطان القصر 
.. / الطلل 
.. / المحروس بتمثالي أسدين

يدرك طفل أنهما من صخر لا يحرس

أضحكها من عمق فؤادكما الطفل .. !! .

ياآآ..

القضاة

[مندهشاً ] 

هــــــــو

 ليست لشياطين القلعة 
أذن يدخلها همس رنيم إذا غنت .. ، 
وتغنت .. ،

بالمكشوفين لعين الله 
إذا غمضت عنهم أعين رقباء القلعة ..

من بشر .. ، وملائك ..

رف حنين العشق إليهم .. ،

أو لغموض ملامحهم ..

هــــــو

قلت رنيم .. ، 
هذا صوت يتردد لا أرض .. ، 
لا جذور .. ، 
لا أغصان .. ،

وما ادَّارَكْتَ تخفيك .. ، 
لتخفيك امرأة في ذاكرة الحجب .. ،

القضاة

ليظل الاسم حرام .. ،

لا تلج قداسته الألسن .. ،

لكن لرنيم محيط 
لا تخطئه العينان .. ، 
فضاء يملؤه زمن ممتد .. ، 
ومكان ..
 

هــــــو

هل هي شاعرة .. ؟! .

قديسة .. ؟!! .  

القضاة

 

لا ..

بل أكثر من شاعرة .. ،

راهبة .. ،

ومفلسفة .. ،

ومفلسفة .. ،

ومفكرة .. ،

أكبر من كل صفات الفوق .. ،

وأكبر من كل الفوقيين .. ،

إذا دخلت صدرك مرحت .. ،

مزجت قلبك بالعطر .. ،

وحدرت الدمع على أزهار الفرحة .. ،

هاصت فيك .. ،

فهصت .. ،

إذا ما دخلت فيك .. ،

ولن تدخل فيك .. ،

لأنك لن تدرك يوماً كنهي

فتشابهني عند رنيم لتدخلها ..!! .

هــــــــو

أنت عرفت شياطين القلعة .. ، 
وصعقت ..
 

القضاة

ورد لشياطين القلعة

لا يوجز  ـ في جل تفاصيلهْ ـ

صوت العشق .. ، 
يصوغ لأرواح الشعراء حريقاً ..

يرتجل قصائدهم فيها .. ، 
ويميل بها نحو تفرقهم .. ، 
وتفردهم .. ،

حرفاً .. ،

حرفاً ..

لا يعطي الحرف رنيمهمو بوحاً .. ،

بل ترحاً يشقيها .. ،

لا ينسيها عشاقاً قتلته مودته وخنوعه .. ،

فلا تدرك أن شويعرها مقتول بسهام رغائبه .. ؛

ما قتلته مودته .. ،
قتلته شياطين القلعة 
إذ كشف غطاء تلصصهم نحو قصائد غربته .. ، فاستاءت لمودتها إذ فقدتها امرأتي .. !! .
 

هــــــــو

 قتلتك رنيمك .. ؟!.

القضاة

 لا .. ،

بل قتلتني كل شياطين القلعة .. ،

وصباح أخرس .. لا زهر .. ، ولا أنداء .. ..

هــــــــو

أي صباح تقصد ..  

القضاة

 صبح أشرق في "مفرق وجه" الباحث عن غربته 
في غربتها ..

استاءت من عدميته القاهرة ..

صبح .. كذاب .. شجبته المدن البيضاء ..

يتملق ـ تسليماً ـ لتراتيلي ..

يكرهني ..

وأحبه ..

هــــــــو

قد قتلك صبحك .. ؟!.

القضاة

هو : ما كان ليقتلني غير شياطين القلعة ..

وصباحي كرنيمي ..

مقتول مثلي ..

ـ انظر ..!!  ـ  

هــــــــو

 [يشير إلى خلفية المسرح ، وقد بدت فيها من خلف الستار الشفاف "القلعة" ، بلمعانها الذهبي ، وهو جزء من مشهد الفتى المتمطي والفتاة التي صعقت لموته ، بقية المشهد تخفيه المنضدة والأجساد البدينة خلفها .. ]

هــــــــو

ذياك المشهد ..
يحضنه الخوف ..
ويهديه القلق إلى صحن الموت وراءك .. ، 
فارجع .. ،
 

هــــــــو

[يشير إلى المشهد الخلفي ، ثم يستأنف كلامه مشيراً إلى نفسه .. ]  

هــــــــو

 انظر لي بين يديك .. ! .

هــــــــو

 [يدير ظهره للجمهور ، ويشير إليهم من خلفه .. ]

هــــــــو

انظر قدامك من بعدي

إذ أجثو بين يديكم ..

وتجوسون طرائق قلبي .. ،

وشراييني .. ،

ما احتالت فيَّ أنابيب الدم 
إلى نابالم يتوغل فيَّ .. ، 
الآن .. ،

فَدَثَّرَنِي صحوي بسكون القلق ..

القلق ..

الرحال ..

يجثو بين ترهله 
عضواً يقتله المسكون 
بسكان القلعة ..

هــــــو

[يصرخ ]

هــــــــو

 يا حكام القلعة ..

 u “.. "يو" ..

يؤسفني أن أكشف عن وهني .. ،

أن أخبركم .. “N” .. " إنْ "..

إنَّ سهامكمو لا تنفد إلا في جسدي وحدي  .. ،

يا حكام القلعة

يا حكام .. الـ ..

قلعة ..

يا .. ..

حكمكمو  .. حكمكمو .. !! .

هــــــو

[يتعالى صراخه .. ، وينزل الستار شفيفاً على مساحة ضيقة تحجبه وتحجب المنضدة ومن خلفها ، ومن خلف الستار تظل القلعة لامعة .. ، والمشهدان الأول والثاني يمكن رؤيتهما بوضوح .. ]  

[إظلام]

       ســــــــــتار

ضع إعلانك هنا

المشهد الثالث من مسرحية الخروج إلى القلعة

نماذج من مسرحيات الشاعر علاء الدين رمضان .. ( سمكة ظامئة ) صدت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة 2002

المشهد الأول من مسرحية الخروج إلى القلعة

علاء الدين
تعليقك

         

 

وكالة آرس للبحوث والنشر

وكالة آرس للبحوث والترجمة والنشر والخدمات العلمية والثقافية المتخصصة في مجال العلوم الإنسانية والإبداع الأدبي والدراسات المعرفية

Free Translation from Arabic to English and from English to Spanish, French, German, Portuguese, Italian and NorwegianFreeTranslation.com - Free Translation from Arabic to English and from English to Spanish, French, German, Portuguese, Italian and Norwegian المترجم أقوى معين لفهم محتوى الصفحات يترجم من العربية إلى الإنجليزية ومن الإنجليزية إلى معظم اللغات ذات الأصل اللاتيني فضاءات الترجمة  .. نماذج من أعمال الشاعر علاء الدين رمضان  المترجمة إلى الفرنسية

Free Translation from Arabic to English and from English to Spanish, French, German, Portuguese, Italian and NorwegianFreeTranslation.com - Free Translation from Arabic to English and from English to Spanish, French, German, Portuguese, Italian and Norwegian المترجم أقوى معين لفهم محتوى الصفحات يترجم من العربية إلى الإنجليزية ومن الإنجليزية إلى معظم اللغات ذات الأصل اللاتيني 

صهيل القصائد .. صفوة الشعراء العرب وعيون القصائد العربية

صهيل القصائد .. صفوة الشعراء العرب وعيون القصائد العربية

شبكة الأخوين الثقافية .. من الأخوين بهاء الدين رمضان وعلاء الدين رمضان إلى كل الأشقاء العرب

شبكة الأخوين الثقافية .. من الأخوين بهاء الدين رمضان وعلاء الدين رمضان إلى كل الأشقاء العرب

فضاء السيرة الذاتية للشاعر

فضاء السيرة الذاتية للشاعر علاء الدين رمضان

أَرِنِي بعينيك .. يا صديق .. أسمعني صوتك الحر

هذا أنا .. ذا واقف أغني بانتظار بريد الوداد   .. فشاركني المحبة .. شاركني الرأي والاجتهاد  
محصي الزائرينمحصي الزائرين كتاب الرواية والقص .. منعطفات النثر أيها الشاعر .. أطلق للصهيل قصائدك  ..  شاركنا البراح أحتكم إليك في أمري .. فدع صوتك الحر يصل إلى أذني Counter محصي الزائرين

الشعر اللهجي     الموقع : أخبر به صديقاًالشعر الفصيحكتاب الزائرين
الموقعُ : أخبر به صديقاً


إعلانات الموقع


غابة الدندنة
HOME PAGE
 Home Page  الرئيسة  
Home Page  الرئيسة
E-Mail  Guests  Help  Line
http://bounce.to/ars Server