(4) مسرحية
شعرية في خمسة مشاهد
تأليف |
||
المشهد الرابع |
||
جِئْتَ
على قَدَرٍ... |
||
[إنارة
شاحبة .. |
||
مسا
الخير يا سنداس .. يا
جني القلاع والجبال .. يا
كاشف الخطو ، والمسار .. يا
سنداس .. يا مكشوف على الأسرار .. فين
الجمع والإخوان .. يجيبوه
.. ، ويخبطوه .. ، ويلخبطوه .. .. يا
زوبعة يا شاطرة .. عندك
شياطينك الحاضرة .. إن
دخل نفق . . وإن
طلع نفق .. خلو
نجمي ونجمه عندكم متفق .. .. .. |
رجل أشيب | |
[
تتردد الجملة الأخيرة تردد الصدى ، وكأنها
تنبع من كل جهة من جهات المسرح ، وينبعث
دخان كثيف ، ويخفت الضوء حتى يصل إلى
الإظلام ، ثم يضاء المسرح مرة أخرى ، ثم
تخفت الإنارة ثانية شيئاً فشيئاً .. ،
ويدخل رجلان بدينان وقوران يحملان منضدة
مستطيلة يتنافى حملها مع وقارهما الظاهر ،
ومن الناحية الأخرى يدخل خمسة في هيئة
عبيد كالشياطين ، ببشرتهم السوداء
المميزة ، يحمل كل واحد منهم على ظهره صخرة
ينحني معها ظهره تماماً ، يلفون في جهد
ومشقة حول المنضدة ، ثم يضعون أحمالهم
خلفها ، فيجلس السيدان ، كل واحد منهما على
صخرة ، بينما العبيد يقفون في الخلف صفاً
واحداً متجاوراً ، أيديهم معقودة على
صدورهم ، ثم يدخل رجل آخر وقور الهيئة
وأكثر تميزاً في ملبسه وهيئته من الرجلين
الآخرين الذين جلس بينهما وراء المنضدة ،
وبه تكتمل مجموعة القضاة من حكام القلعة
الذين هم مجرد تكرار لنسخة واحد ، وما إن
يقر الأخير في مجلسه حتى يضاء الجانب
الأيسر من المسرح فإذا بـ"هو" خلف
قضبان سجنه ، ثم يضاء الجانب الأيمن فيكشف
عن "هي / السلطانة" خلف قضبان سجنها .. ] |
||
[إظلام
تام .. ] |
||
[إنارة
.. ] |
||
ثانية
أنت .. ؟! . |
القضاة | |
عز الدين .. ،
السلطان .. |
هــــــــــو | |
و علاء الدين
إذا كنته .. ؟! . |
القضاة | |
ما
كنت علاء الدين .. |
هــــــــــو | |
أيبك
.. ، عز الدين .. ، السلطان .. .. ؛ فعلاء
الدين الصعلوك الشاعر متجن
قاتل .. أفاق ما خلف لي حلماً .. نسجته
الأيام على ثوب الملكوت .. قميص
العشق .. |
هــــــــــي | |
راودتني
السلطانة عن موتي .. حين
دعتني .. من بطن "الأزبكية" .. واعتذرت
عن كل دناءات اللقيا .. ما
حفظت شعري .. ، وأتت بي للقلعة .. هي
غلقت السجن علي .. ، وقالت :هيت لك الآن
فخالطني الصبح .. ، وناداها .. ، قد
ثياب العشق وما كادت .. كانت
تسأل عن غو جاءته ، ووردته .. ن وشربت من كأس
تخبطه .. ، بئس الورد إذا وردته .. فما
رفد القلعة في حجبي ما وارت أغنيتي عن
طرقات القلعة إذ جابتها .. ، ولبئس اللقيا ..
إذ
جمعت لي كل نساء القرية .. ، أو نزلت في حرثي
.. |
هــــــــــو | |
هل
ظلمك قدرك إذ سالت بدماء النسوة أرضك .. ؟
. فانهالت
خطوات العشاق إليك ..؟!. |
القضاة | |
هن
أسلن دماء مودتهن
عليه .. إذ
طلع علين صباحاً دفاقاً يغتال خزائن
أشواقي .. ، وحدائقي
الغناء .. ويمد
الظل إلى ملكوت الرغبة .. هو
سماني صبحاً .. إذ أطلق فيَّ فراغ الأسئلة ،
وقال انتظري الروح . فحصحص
في القلعة نور العشق .. وغشاني
وخز الجفوة .. إذ
أنتظر الأسئلة الحَرَّى عند مراح الروح .. |
هــــــــــي | |
[بسخرية
] |
هــــــــــو | |
ما
ظلم الصبحُ الصبحَ إذا أخذته مباهج
أشواقهْ .. وجنون
صباحٍ طوافٍ ضائع ..
مغلوباً بالكشف .. ، ومقتولاً
بالشعر
ومفصولاً عن ورد القُصَّادِ .. بل
كان رشيداً لوح بجنون محبته .. ، واسترخى
فسلام
للأوابين الخلطاء .. إذا
شط المحراب عن الخصمين .. فما
قُـدِّرَ للفزع استكناه خواطرهم .. ، إذ
نزل بساحتها .. ..
عربيداً يستهتن
دمع العاشقة الناجية من الخلطاء ..
إذا ساء صباح الشعراء .. |
هــــــــــو | |
أنت
صنعت الصبح وأطلقت الرؤيا فتجاوز
عما تخفيه الروح .. كي يطلع شفافاً في حضرتك
سلام الخلطاء |
القضاة | |
فسلام
ما جاء صباح معتوه .. .. يسرق
صبحاً من أروقة الشعر ومن أعماق كهوف
الشعراء .. ، سلام .. .. |
هــــــــــو | |
تتحاجا
في صبح مسروق .. أو صبح سارق .. كلمات
مثبتة .. كلمات منفية .. وأنا
أرسف في هذي الأغلال .. تعشي
عيني غلالات الأنباء تقصيني
.. ، تدنيني .. ، لا
تشرق شمس بين مساءين .. وهذي
المنخسفة ليست شمسي .. فأزيحوا
الستر .. |
هــــــــــي | |
الشمس
وعاء ناري حارق .. والمجلس
يهدف للرحمة .. ، لإقامة
منحنيات سلام .. |
القضاة | |
سترى
الشمس إذا طلعت ساطعة .. تدفعهم
عن ذاكرة الفجوة .. ما
التأمت في روح قصائدهم .. فإذا
هم من كل طريق تنسل أشعارهمو .. نزفاً
.. ، وجراحاً
.. .. ، والقلعة
مشرعة للأوهام .. عارية
.. ، لا أسوار .. ولا عسكر .. |
هــــــــــو | |
لقد
ضن الأمن عليكم بشراعه .. إذ
شط البأس بساحلكم .. كان
علينا أن نأتي ونحط الرحل بساحتكم .. |
القضاة | |
فـيــــــــتـو
.. |
العبيد الخمسة | |
[بنبرة متلجلجة من الخوف والفرق والتردد] | القضاة | |
كي
.. كي .. كي نحكمَ بينكمُ فيما تختلفون .. |
القضاة | |
لا
وقت معي أتسلى فيه بذوب الوجدان النازف
بدماء الموتى .. |
هــــــــــو | |
يومك
سيجيء .. |
القضاة | |
وسيؤذن لي
بالشعر وبالبكيا والأحزان .. |
هــــــــــو | |
وبما يجدي
الحزن أو الأشعار ؟! . |
القضاة | |
سأكشف
عن سر امرأةٍ .. كانت تشبه عندي امرأتي .. إذ
جاءتني .. كانت
تسبه روحي .. فطلعت
عليها من أشلائي .. ترهقني
تذكاراتي .. وأتيتُ
.. ، أبتْ .. ، وتواريتُ .. ، أبتْ .. وصرخت
فجاءتني .. وأبيتُ .. توارت
خلف ترفقها بالذكرى .. ، وأبيتُ سجنت
إذا عدً بها للقلعة .. وتذكرت
امرأتي .. ثانية في الميدان .. كانت
واقفة بين الأجداث شامخة تنهار .. كانت
عارية .. لا
أسوار .. ولا عسكر .. فكفرت
بما يحجبها عني .. ودخلتُ
.. فمدت
بالعصيان إليَّ قميصي .. مقطوعاً
بالمين من الخلف .. ومن
قدام بالإفك .. وقالت
.. هذا لك .. وعليه
دمي .. ففرحتُ
به إذُ ألقتهُ عليَّ .. لكن
ما عاد البصر إلىَّ .. ، فقصَّرْتُ
عن الأمل الطامح فيَّ كثيراً وانكسرت
أحلامي .. ثم
مددت فؤادي بالموت إليها .. فاستبقت
خطوي للقلعة .. قالت
حين تلبست بموتي .. هيت
لك الآن .. الآن .. ولم
يصرف عني غير الكفران بها .. فأذنت
لها .. وكفرتُ
.. |
هــــــــــو | |
ما
أسلمت لها دنياك .. ، وما
مكنت لها ببراحك .. فقميصك
مكذوب الدم .. وذاكرتك
مثقلة بالأخذ .. فامرأتك
ما قالت ها .. لك .. ، بل قال : هالِكْ .. وأشاعت
دمك .. فأصرخناها .. بسلام
محبتنا .. |
القضاة | |
ما
كان لها ـ
إذ جاءت سيارته ـ إلا أن تصبر في ما سولت
"القاهرة" لها .. |
هــــــــــو | |
حتى
تصرف عنك السوء .. إذا
جاب براحك متشحاً بقميصك ..؟ |
القضاة | |
[
تحاج الفتى ] |
هــــــــــي | |
ما
كنت بمؤمنة لك .. إذ
قد قميصي شعرك في
الطرقات الظامئة لموتي .. |
هــــــــــي | |
كان
قميصك مقدوداً .. قبل دخولك للقلعة .. غلقت
السجن على خوفي .. وصدحت
بأغنية للذكرى .. فتسلقت
الموسيقا أوردتي .. وتراقصت
الأنغام .. فناديت
بأحلام "السبعة أعين" .. ما
شاهدت السجان الأعمى .. يتداعى
نحو القصر المزدان بناصية للموت .. وأخرى
للترحال .. |
هــــــــــو | |
[
يتضام القضاة وتتقارب رؤوسهم في وضع أشبه
بالمداولة .. عضوا الطرفين يبتعد كل واحد
منهما إلى الجهة التي ينتمي لها فعضو
اليمين يميل إلى اليمين وعضو الشمال يميل
إلى الشمال وكل واحد منهما يشير بسبابته
إشارة "لا" ليبدو رافضاً بينما عضو
الوسط يشير بيده كلها بحركة تهدئة يجمع
فيها أصابع يده اليمنى في نقطة واحدة ثم
يصعد بيده ويهبط ليدل على طلبه الهدوء
منهم ويميل على كل واحد منهما ويسر إليه
حديثاً إلى أن يقتربا مرة أخرى منه
ويتفقوا ] |
||
إن
كان قميص السلطانة قَـدْ قُــدَّ من القبل
.. فالسلطان
مصدق .. ما
راودها عن ملك القاهرة .. ولا ميراث
الأشعار .. ، وقمصان العشق .. أما إن كان
رداء السلطانة من دبر قَـدْ قُـدَّ .. فكذب
السلطان على ملكوت القلعة .. وأراد
العزة لما يذكر بالإشراق الطير الأواب إذا
خالطه الحلم بترحال لا يرجع منه سوى رجع
الخوف .. ، وأصداء الأحزان .. |
القضاة | |
فـيــــــــتـو
.. |
العبيد الخمسة | |
إن
سقطت كل رموز البلد الأمن .. ، والقلعة ظلت
مشرعة للشطار وللفتيان .. والطرقات أفاع
تزحف نحو ظلام القلق .. وميدان العشق .. ،
حدائق "بوذا" ، فستصرخ فينا .. ستذكرنا
بالموت .. / اجتهاد الحب .. / محاولة البوح
بمكذوب الآمال .. ومين الأشعار .. ولذلك
أقسمت بها .. إني
صب يقتله البعد .. فقريًا
.. قرباً
.. يا
مولاتي .. |
هــــــــــو | |
فـيــــــــتـو
.. |
العبيد الخمسة | |
أنت
قتلت حنيني للحلم الطالع منك .. وجئت
إلي لتقتلني ثانية .. وَقُتِلْتُ
.. فأنا
آمنت بأسمالك .. ، أسمو
لك .. وسئمت
الطير المرتحل الخفاق .. ، إذ يتهجى آيات
الموت الساعي بتعاويذ قصائده الحَرَّى ..
لسماء الرحلة .. ويرتلها في حنجرتي .. ، أو
يتهجى لي الموت بمنقاره .. |
هــــــــــي | |
أقسمت
بها .. أني مرتحل .. يقتله الشوق .. ، وما
صَدَقَتْ خطواتي الكافرة بها .. ولذلك
.. أقسمت بها .. |
هــــــــــو | |
فـيــــــــتـو
.. |
العبيد الخمسة | |
أنت
قتلت معانيك الحلوة بتسرعك .. |
صوت(؟) | |
أنت
قتلت معانيك الحلوة بتسرعك .. |
صوت(؟) | |
[يقاطع
الصوت صوت "هي" شامخاً ] |
||
يا
علاء الدين .. ، فقدتك
ثالثة .. عد
لي .. واستقم
.. .. وارتفق
.. .. غير
منقوص .. وانتظر
.. وانتصر بالثبات
.. خشني بالمحبة .. وادَّكر .. |
صوت (هي) | |
أنت
قلت معانيك الحلوة بتسرعك .. دخلت
حريقك .. فـ .. .. .. |
صوت (؟؟) | |
[
يقاطع الصوت صوت منادية يبدأ من بعيد ،
ويقترب شيئاً فشيئاً بينما يزداد صداه حتى
تأخذ نبرته أعلى درجة ترديد ، ويضاء
المسرح إضاءة كاملة ، ثم تبدأ النبرة في
الخفوت تدريجياً حتى الخفوت ، مع تكرار
جملة المناداة مراراً .. حسب الوقت المسموح
أو المناسب .. ] |
||
يا
علاء الدين .. فقدتك ثالثة .. عـد
لي واستقم لي وارتفق غير منقوص .. وانتصر
.. ، وانتظر .. .. خشني
بالمحبة .. .. وادَّكِــرْ
|
الصوت | |
[
أثناء خفوت الصوت ينزل الستار الشفاف
ليحيل المشهد إلى أشباح خلف الستار الذي
تبدو من خلف المشاهد السابقة كاملة ،
والقلعة لامعة بلونها الذهبي ] |
||
[
إظلام .. ] |
||
ســــــــــتار |
||
|
||
|
||
الشعر
اللهجي الموقع
: أخبر به صديقاًالشعر
الفصيحكتاب
الزائرين