شهر زاد الجنوب

قراءة نقدية في سرد

مبدعات الجنوب

محمود رمضان الطهطاوي

وكالة آرس للبحوث والنشر

 

مــدخـــــل

 

شهرزاد الجنوب                الدراسات والبحوث

 

     لظروف  بيئية متوارثة ظل إبداع المرأة الجنوبية غائباً عن الساحة الأدبية لفترة طويلة ، وكثيرا من الموهوبات دفن موهبتهن مع تلك العادات والتقاليد التي تفرض حصارا على المرأة وحتى وقت قريب كان من الصعب أن تجد كاتبة أو صاحبة هواية تحضر منتدى أدبي أو شعري ، أو ثقافي .. رغم دخول المرأة معترك الحياة منذ دعوة ( رفاعة رافع الطهطاوي )) لتعليم المرأة ، ولاشك أن الثورة التي أحدثتها الهيئة العامة لقصور الثقافة ، واهتمامها الحثيث بالأدباء، وإنشاء نوادي الأدب أضاف للحركة الأدبية الكثير ، وأفرزت هذه الأندية مواهب كثيرة  ،وشدت إليها مبدعات كانت لهن محاولات جيدة وبعضهن لهن خطوات ظاهرة ، وظهرت المواهب النسائية .. خرجت من قمقم الحصار ، وانطلقت بخطوات حثيثة تثبت وجودها ، وفي صعيد مصر ظهرت مواهب عديدة ، أثبتت وجودها على الساحة الأدبية ، وفتحت المنافذ الأدبية أبوابها لهذه المواهب النسائية الجادة ، وعلى رأسها جريدة ( أخبار الأدب ) بمسابقاتها المتميزة ، وسعيها المتواصل في اكتشاف المواهب ، إلى جانب ( نادي أدباء الأقاليم ) على صفحات جريدة ( الجمهورية ) وجريدة(  المساء ) .. إلى جانب إصدارات أندية الأدب بالأقاليم .. وغيرها ..

      وخلال سنوات قليلة  .. استطاعت المبدعة في الجنوب إثبات وجودها على الساحة  الأدبية .. فبرزت أسماء كثيرة ..، ومازالت الحركة الثقافية المتوهجة في الجنوب تفرز الجديد من المواهب النسائية .. ومن هذه السماء على سبيل  المثال : ( أسماء هاشم - جمالات عبد اللطيف - هويدا صالح - سهام بدوي - وفاء الحكيم - منى سعيد - جلاء محمد عزت -إيمان عثمان عز الدين - هيام عبد الهادي صالح - هند محمد عبد الرحمن - إيزابيل كمال - فردوس إبراهيم -عبير فوزي ..  وغيرهن.

     هذا في مجال القصة والرواية فقط .

     يذكرني الحديث عن كاتبات الجنوب ، بمقولة لنجيب محفوظ ،ذكرها في كتابه: (( المرايا )) ، يقول محفوظ : (( كان عدد الطالبات في عام 1930م ضئيلاً ، لا يتجاوز العشرة في مجموعة . وكان يطبعَهُنَّ جميعاً طابع الحريم ، فهن محتشمات في ملابسهن لا يرتدين الأقراط أو الأطواق ويجلسن معاً في الصف الأول من قاعة المحاضرات وكأنهن في القسم المخصص للنساء في عربة الترام . ولم نكن في البادية نلقي عليهن التحية أو نتحدث إليهن . أما إذا لزم الأمر أن نسألهن سؤالاً أو نطلب منهن كراساً فإن علينا أن نفعل ذلك بخجل حذر . غير أن هذا الأمر يمر بسلام لفترة طويلة ،بل أخذن يلفتن الانتباه بسرعة )) ([1] ) .

    بالقياس نجد الكاتبات في الجنوب الى وقت قريب ..كان عددا لا يذكر .. يكتبن في أغلب الأحيان بأسماء مستعارة ، ويواجهن الكثير من الاعتراض عندما ينشرن أعمالهن ، وسرعان ما بدأت الأسماء النسائية في الظهور ، في ظل التغييرات على المستوى الاجتماعي ، والثقافي .. وفي ظل المعطيات الجديدة التي أتاحتها الهيئة العامة لقصور الثقافة ، وتجربة نوادي الأدب التي أثمرت الكثير .. فنجد قاصة مثل " أسماء هاشم " تذكر في حوار معها على صفحات جريدة ((أخبار الأدب))([2]) تذكر أنها الوحيدة التي كانت تذهب وتحضر ندوة نادي الأدب ، وهذه التجربة نرقبها عن كثب من خلال تجربة نادي أدب طهطا ، والتي تكتظ بعدد الكاتبات الموهوبات في مجالي القصة والشعر .. ولاشك أن مطبوعات الأندية في كافة صعيد مصر .. قدمت لنا العديد من الكاتبات المميزات .. وكان لطرحهن نكهة خاصة .. وأسلوب مميز ، يدل عن وعي .. ومتابعة للحركة الثقافية .. ويمكننا أن نقسم الكاتبات في الجنوب إلى ثلاثة أقسام :

     1- القسم الأول .. وهو الأكثر والذي يضم الكاتبات الملتصقات بالبيئية الصعيدية وعبرن عنها بصورة جيدة في كتابتهن ..وعبرن عن أحلامهن من واقع هذه البيئة .. وعبرن عن تمردهن ورفضهن للواقع .. الخ من هؤلاء الكاتبات : أسماء هاشم ، إيمان عثمان عز الدين ، جمالات عبد اللطيف ، هيام عبد الهادي صالح ،نجلاء محمد عزت ، ونجد التجربة عندهم ملتصقة بالبيئية معبرة عنها .

     2- القسم الثاني : وتتأرجح تجربتهن بين الشمال والجنوب .. يمزجن التجربة بفنية .. فتدخل التجربة عمق الجنوب والبيئة الأم .. إلى حلم الشمال الجاذب .. ومن هؤلاء الكاتبات : هويدا صالح ، وفاء الحكيم ، منى سعيد أخمد .

      القسم الثالث : وهو المتأثر بالشمال .. ولكن لا تخلو أعمالهن من البيئة الصعيدية .. ومن هؤلاء : سهام بدوي .

      وفي كل الحالات فأن معظم القصص المطروحة تعبر عن أحلامهن الممتزجة بالواقع .. ممتزجة بالحياة بالبيئة .. ولا عجب أن تقارب في قصص : أسماء هاشم وإيمان عز الدين وهيام عبد الهادي لأنهن يقتربن بقوة من البيئية ( بيئة واحدة )  ويدخلن عمقها .. فجاءت التجربة معبرة عن هذه البيئة .. وإن أختلف السرد والمعالجة والطرح .

   والقاصة ( منى سعيد أحمد ) التي تعيش في البحر الأحمر ( سفاجا ) وهي ترقب بعين الفنانة الازدواجية المتناقضة بين أهل البلد بعاداتهم وتقاليدهم الصعيدية ، وما أحدثته التغييرات الاجتماعية .. لهذه الطبقة .. وما أفرزته من طبقة جديدة استوطنت .. فجسدت الصراع بين الطبقتين .. وطرحته بفنية في أكثر من قصة .

      في حين نجد القاصة هويدا صالح ( المنيا ) وهي قريبة من الشمال .. تتمازج قصصها بين الشمال والجنوب .. في تكثيف وتكنيك يطرح هذا التأرجح وهذا التمازج .

      ونجد القاصة ( جمالات عبد اللطيف ) تدخل في عمق بيئتها تعبر عنها .. تتمرد بعنف ووعي .. وتواجه العادات والتقاليد بكل ثقلها .. وهكذا

    سنجد لكل طرح نكهة خاصة .. وأسلوب مميز .. يجعلنا نقول بفرح .. هاهي البنت الجنوبية تخرج من قوقعتها .. من شرنقتها .. تواجه الحياة .. وتواجه المجتمع .. تعبر عن ذاتها .. عن وجعها وأحلامها .

    نقدم بعضهن في الكتاب .. ونأمل تقدم المزيد والمزيد .. في دراسات قادمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

غابة الدندنة    أخبر صديقاً عن الموقع    كتاب الزائرين  وكالة آرس     في حب الرسول  مجلة أهل الغابة    فضاءات أخرى محصي الزائرين

يرجى عند الرغبة في الاستفسار عن أية أمور ، أو ظهور أية مشكلات مع الموقع أو مشكلات عملية خاصة بكم الكتابة إلينا فوراً  

*بسم الله الرحمن الرحيم ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) صدق الله العظيم * سورة "ق" /الآية 18 *  
Questions or problems regarding this web site should be directed to our Email: alauddineg@yahoo.com
Copyright © 2001 [ Alauddin Ramadan and ARS proxy ]. All rights reserved.  
موقع الدراسات والبحوث

في شبكة

وكالة آرس للبحوث والنشر

اغسطس 18, 2001 15:17

 



[1] - نقلاً عن ص 149 روجر آلن ( الرواية العربية ) ترجمة : حصة ابراهيم المنيف ، المشروع القومي للترجمة ،(34 ) المجلس الأعلى للثقافة ، مصر .

[2] -العدد 266