قهر الأنثى في
رواية (( مشتهيات ))
للقاصة
والروائية (( سهام بدوي )) (* )
شهرزاد الجنوب
الدراسات والبحوث
كثيرة هي الأعمال النسائية التي ترسم لنا
صور مختلفة لقهر المرأة إجتماعيا وإنسانيا ، بفعل العادات والتقاليد ، أو الظروف
المحيطة .. فدخلت المبدعة العربية هذا الحصار وطرحته في أعمالها بمنظورها الخاص
والقاصة (( سهام أحمد بدوي
)) تدخل هذه المنطقة بروايتها (( مشتهيات )) هذا العنوان الملفت .. يجعلنا نبحث عن
أي مشتهيات تقصد الكاتبة، ولانجد إلإشارات قليلة بين طيات الرواية .
الرواية تطرح لنا عالم فتاة
.. تموت والدتها على سرير في إحدى
المستشفيات .. وتتحمل عبء أخوتها الصغار لإنشغال والدها في الذي يعمل في الجيش ..
تبرز لنا العلاقة بين والدها ، وحصارها في المنزل / السجن ، حصار العادات
والتقاليد ..لدرجة أن والدها يضربها ضربا مبرحا عندما تضع أحمر شفاه وهي طفلة ،
تصور لنا هذه اللحظة من خلال تداعياتها : (( مرتان ، عشر مرات .. لم أَعُد اعُد
الصفعات )) (( كان حزامه العسكري - القايش - ، ينزل فوق جسدي من كل ناحية .- بتحطي
أحمر يافاجرة )) ص 93 ولكن نفاجأ
أنها تقوم بعلاقة ما تفقد خلالها عذريتها .. وتتزوج بـ " يحيى " الذي يعرف ظروفها : (( حكيت ليحيى مأساتي
.بالغت وتملقت ذكورته ، حدثته عن كراهيتي للجنس وبكارتي التي أضاعتها أصابع سميح
الحمقاء )) ص 49 .. ثم تجد نفسها وقد خرجت من سجن بيت والدها .. إلى سجن يحيى بعد
أن تكتشف شذوذه وإهتمامه بالأفلام الجنسية التي يعرضها علنا في حضرتها .. فهو يعاني من عقدة بعد أن شاهد اكثر من
مرة أمه في أحضان رجل غريب ، وكانت جدته تعايره بذلك .. وتزداد الفجوة بينها وبين
يحيى ..(( خرج ، اغلق الباب ، فتحه ثانية ، قال لي أنه يشبع رغباتي ، ويساعدني في
ممارسة هوايتي تلك التي تتلخص في التهديد بالرحيل ، حزم الحقائب ، الوقوف بجوار
الباب ليمنعني فأصرخ فيه ، يرفض . أدخل غرفة عمر . اخلع ملابسي ، أفرغ حقائبي .
حولي الحوائط وفوقي سقف من اليأس الأبيض الجميل ، وفي حضني الطفل )) ص 60-61
، وتنشأ علاقة جسدية بينها وبين " يوسف " .. (( هو الوحيد بين
كل من أعرف الذي يسألني عن أخبار الطلاق ويراه ضرورة . الوحيد الذي أحكي له عن
أخبار الضرب والبهدلة والحبس )) ص 63، وهو يقول لها في لحظة من لحظات إنفر ادهما :
(( إنتي الوحيدة الي قبْلِتْني كُلِّي )) ص101.. تطلب الطلاق من يحيى ولكنه يرفض
.. ويظل على عناده يعذبها ويحبسها داخل الشقة .. وتظل على علاقة بيوسف لدرجة أنها
تمارس معه الجنس في شقتها .. وعندما تشعر بالضياع تلح على الطلاق ..فلم تعدتتحمل
شذوذه .. مشاهدته للأفلام الجنسية في وجودها ، ممارسة هذا الشذوذ معها : (( عرف
يايوسف . النهاردة الصبح ، صحيت ، لقيت يحيى كاتب على جسمي كله ، بطني ، كتفي ،
فخذي ، بقلم الشفايف Prostitute
)) .. وبعد صراع مع يحيى .. يوافق
بعد أن تتنازل عن كل شيء ..
هذه الأحداث المتشابكة ..
والتي تبرز ضياع (( فريدة )) البطلة .. تجسده الكاتبة عبر روايتها باسلوب روائي
سلس ، ولغة بسيطة ، مجسدة القهر .. والضياع .. والحصار ..
داخل سياق القص تعطي
للقصة بعداً آخر فتجسد فترة من تاريخنا تبدأ بإغتيال ( السادات )) ومظاهرات الأمن
المركزي التي حدثت بعد ذلك .. وإشتراكها في المظاهرات لإثبات ذاتها ، ثم إنهماكها
في الكتابة مصدر تنفيسها الوحيد .
هذا التمازج بين الخط الدرامي
للبطلة ، والخط الدرامي للحياة السياسية ، والربط بينهما بين فترة سياسية فيها
شحنة من الصراع والقهر وإضطراب ، وبين حياة البطلة الإجتماعية وماتعانية أيضا من
صراع وقهر وإضطراب .. وفقت الكاتبة في طرح هذه المقابلة ..
وتطرح لنا قهر يحيى ( الزوج
) لها عندما يحرق أوراقها(( كنت جالسة مغمضة العينين ، بجواري أوراقي التي حرقها
يحيى في المزهرية الخالية من الورد . رششتها بالماء فصارت نصف محترقة وكنت أتساءل
لماذا يحرق يحيى أوراقي ؟ لا يريدني أن أكتب لماذا ؟ يعطلني عن القراءة لماذا ؟
)) ص 75 ، فتضطر إلى الكتابة في
السر وإخفاء ما تكتبه في المطبخ حتى لايقع في يديه .. تهرب من هذا العالم تذهب إلى
أمها في قبرها .. تحدثها .. تعاني من إضطرابات نفسية ينصحها الطبييب المعالج
للذهاب إلى عيادة نفسية ، تفعل .. تحاول الخروج من دائرة القهر التي تطرحه الكاتبة
بفنية ومحاولة إسقاط الرمز ، معبرة عن الإضطراب وتلك الإزدواجية التي تعاني منها
البطلة ، حبها ليوسف وكرهها له في نفس الوقت ، رغبتها فيه ورفضها له .. إحساسها بإنه يغتصبها عنوة كما يفعل
يحيى .. لقد استطاعت الكاتبة طرح هذا الصراع ، وإبراز القهر .. مجسدة إضطراب
البطلة نتيجة هذا القهر الإنساني ، ومحاولتها الخلاص ، والهروب من الواقع ..
وأبرزت دور الأم الغائبة عن طريق التداعيات .. ووفقت الكاتبة في طرح دور الأم
والإتكاء عليه في لحظات هروبها من واقعها ، وإن كانت الرواية جاءت بأسلوب سردي
بسيط إلا أن بعض المقاطع جاءت تحمل ملامح قاتمة وضبابية .. كما جاء في المقطع (31)
من الرواية ص 139 ، وإن كانت الكاتبة تحاول طرح هذا القهر بشيء من الرمز ، في
محاولة لإستخدام حرفي (( الشين )) و (( القاف )) .. الرشق ، رقش ، عشق ، وصراع
اليمامة مع الحية إلا آخر هذا اللوحة المتشابكة التي خرجت عن الحكي البسيط الذي
تنتهجه في بناء الرواية ، وتركت لنا النهاية مفتوحة مرمزة.. مقطعة في أسطر كما شعر
التفعيلة : (( خذوا أيديكم معكم .
أود أن أرى يدي أنا . الشَعر المقيَّد والخطوة الرجالية . أستذنب يحيى ، ابرىء
يوسف أو أقتل فريدة . من يقع عليه اللوم ! . ألقي بأسلحتي كلها ، أخلع أقنعتي .
أعجن الحناء ، وأحني شعر أنهار . أقبل وجهها كله ، ونحكي لاننتهي . أذهب لأمينة .
أمينة التي لم تعرف الذهب أبداً ، وتوحمَّت على الطين . أعبر الشوارع ، أرى يدين
تلتفان حول الخصر ، ترفعان الجسد . فوق ذلك السور الذي يحيط بالنيل ، ولايحمي من
الغرق أبداً . ليبقى الفم المفتوح . مفتوحاً )) ص 151
هذا التشتت التي تنهي
به الرواية له دلالته ويدل على أن البطلة مازالت مقهورة تحاول الخلاص / الخروج من
قمم الوجع المحصورة بداخله ، أنها رواية تنتهج من البساطة أسلوبا .. لتطرح لنا
بعمق صورة من صور قهر النثى داخل مجتمعها ، قهر صنتعته الظروف والعادات ، وقهرت
صنعته هي بنفسها .
تلك هي (( مشتهيات )) سهام
بدوي .. مشتهيات الخروج من واقع مفروض ، مشتهيات الخلاص من وجع صنعته عادات
وتقاليد ، مشتهيات اللحظة الإنسانية بكل ماتحمله من إشتهاء ونزوة وضياع ونزق ..
الخ .
لقد استطاعت الكاتبة طرح المشاعر
الأنثوية في سياق الرواية معبرة عن هذا الصراع بينها وبين واقعها ، ما تعانية من
قهر .. وإنفصام .. عبرت عنه بهذا الإضطراب الملحوظ في شخصية ( فريدة ) البطلة ،
بداءة من الوالد الصارم رغم غيابه عن البيت ، وسميح الذي فض بكارتها بعبثه ، ويحيى
الذي كان يحبها وتزوجها رغم ظروفها ولكن شذوذه باعد بينهما ، ويوسف التي تتغزل فيه
وتمارس مع الجنس وفي لحظة تكرهه
وتعود إليه (( كنت صارمة في كراهيتي له ومجروحة أيضا )) ص 71 ، (( في بيتي
كان يهدهدني ، يصبو إلى قلبي ، كنت أحتاجه ، أحبه )) ص 71، هذا الصراع المتشابك
بكل مافيه من شذ وجذب .. وتأكيد لحالة القهر التي تعاني منها البطلة ، حالة
الإنفصام .. طرخته الكاتبة عبر روايتها (( مشتهيات )) .
المشتهيات هو الخروج
من دائرة العدم لإثبات الذات ، المشتهيات تمازج وانصهار : (( بعد نوم عمر ويحيى ،
أخرجت أوراقي ، كان خوفي منها شهيا وجميلا . كتبت فيها : [ حبيبي أبيض وأحمر .
شفتاه سوسن تقطران مراً مائعاً ، عيناه كالحمام على مجاري المياه ، مغسولتان
باللبن ، جالستان في وقبيهما . حلقُهُ حلاوة وكله مشتهيات )) ص 66
اشتهاء لأن تصفع حماتها بقوة : ((
أما حماتي فكنت أشتهي أن أصفعها بكل قوة لينتهي الموقف )) ص 70
اشتهاء إلى لحظة حنان صادق تبحث
عنها على صدر صديقتها : (( ملت بجسدي نحوها ، اشتهيت أن أسند رأٍي إلى كتفها ولما
فعلت كانت أمي )) ص 122
اشتهاء للتطهر : (( صابونتي كلها مشتهيات ، غابة لا
حدود لجبروتها القابع في دمي ، لاحصر لفاكهتها الهاربة من بين يدي )) ص 145
البيئة الصعيدية
رغم أن الكاتبة كما تشير في
نهاية روايتها ، أنها كتبت ه1ذه الرواية بين الرياض والقاهرة .. إلا أن ملامح
البيئة الصعيدية تظهر بين ثنايا الرواية ، نلحظها من البداية ، نجد الجارة التي
تجلس بجوارها في إنتظار خروج أمها من ثلاجة المستشفى تعدد بلهجة صعيدية : ص 7
ياصغيَّرة ياحمامة الرومي لما أتى صيادْكى جومي
ياصغيرة ياحمامة الِجمري لما أتى صيادكي فرِّي
نشم رائحة
الصعيد وهي تسترجع ذكرياته عن أمها الرائحة (( كلما رأيت المِرْوَد الذي شق
العينين بالكحل وأيقظ الحزن البهي الرائق ، أري " السباطة " تسقط بالبلح
فوق التراب ، متعبة )) ص 10
وصورة أخرى ترسمها
التداعيات : (( ربما غضبت أني لأنني فتشت دولابها ، كسرت زجاجة الكحل البلدي ،
ورميت خمير " الفايش " المنقوعة في اللبن بطاجن الفخار المحروق . وضعت
يدي ، اصطدت القمح الشارب لبناً )) ص 18
أنها بعض ملامح البيئة
الصعيدية ترسمها الكاتبة بوعي أو بدون .. محاولة التشبث بجذورها الصعيدية ..
///
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غابة الدندنة أخبر صديقاً عن الموقع كتاب الزائرين وكالة آرس في حب الرسول مجلة أهل الغابة فضاءات أخرى محصي الزائرين
مرحبا بكم في موقع وكالة آرس للبحوث والنشر ؛ وإننا لنفخر بأن نفتح معاً منطلقاً جديداً
نحو ترسيخ الهوية العربية والجدة والأصالة وفرض القِيمة القَيِّمَة لثقافتنا
بجذورها وامتدادها، فإن غرض هذه الصفحات هو أَنْ تزين صورة َ
خدمات المساندةَ التي نزود بها زائرينا. لذا فإننا قَدْ
زَوّدنَا عــدد المصادرِ هنا كي نُساعد كافة المبدعين من ذوي الخبرة ، أو الجدد
على نشر نتاجهم الإبداعي من خلال عدد من الصفحات المخصصة لهؤلاء ولأولئك ؛ كما
نساعد بجد واجتهاد المهتمين من الباحثين والمثقفين والقراء.. ، والزائرين بعامة
على حــل مشاكلهم والتغلب على
العقبات التي تواجههم ؛ أنتَم أيضاً
رُبَما تَحْصلُون على المساندةِ العمليةِ الجادة التي تتمنونها ؛ في مجال البحوثِ
الإنسانية والأدبيةِ العربيةِ ؛
فإذا كانت لديكم الحاجة لمثل هذه المساندة ، أو وجهة نظر أو تقرير ؛ أو خامرككم
القلقُ تجاه موضوع معين ؛ أو تَقترحُون إجراءبعض التحسينات إِلى منتجاتنا وخدمتنا
: اجعلنا صديقاً حميماً يسهر على
راحتك واكتب لنا بوساطة البريد الإليكترونيِ
Welcome to [forest of humming ]. The
purpose of this web pages is to enhance the support services we provide to our
visitor. We've provided a number of resources here to help you resolve
problems, report bugs, and suggest improvements to our products and service.
You may also obtain practical support in area of Arabic literary searches by
e-mail to : alauddineg@yahoo.com
يرجى عند الرغبة في الاستفسار عن أية
أمور ، أو ظهور أية مشكلات مع الموقع أو مشكلات عملية خاصة بكم الكتابة إلينا
فوراً
Questions or problems regarding this web
site should be directed to our Email: alauddineg@yahoo.com
Copyright © 2001 [ Alauddin Ramadan and ARS proxy ]. All rights reserved.
موقع الدراسات والبحوث
في
شبكة
وكالة
آرس للبحوث والنشر
اغسطس 18, 2001 15:17
* - سهام أحمد بدوي ،من مواليد القاهرة ، ولها
جذورها الصعيدية ، فأسرتها من ( باصونة ) التابعة لمركز ( ساقلته ) سوهاج