القاصة ( منى سعيد ) *

وطرح الرمز بالسرد المتنامي

 

شهرزاد الجنوب                الدراسات والبحوث

 

 القاصة ( منى سعيد ) من ( سفاجا - البحر الأحمر ) ، أردت أن أشير الى محل إقامتها لأنه له دلالاته في طرح قصصها ، فهي قاصة تواجه المجتمع بشخوصها المهمشة ، ودخولها عالم البسطاء / الفقراء ، نلحظ في المتاح من قصصها هذه المواجهة التي تتعمدها بين شريحتي المجتمع ، طارحة المفارقات بكل قسوة ، تاركة المواجهات المحبوكة والتي تبني عليها عالمها القصصي ، هي التي تطرح الحدوتة ، وبها يتم البناء القصصي ، وقصتها ((صباح رشيق مرح يرتدي البلوجينز)) * هذا العنوان المركب  الذي لايحلق في فضاء القصة بسهولة ، و لانستطيع فك شفرته إلا بعد التوغل في الحدث ، لنفاجأ بما يحمله من سخرية مريرة لشخوص القصة البسطاء ، العنوان بعد فك الشفرة بقراءة القصة له دلالالته ويفصح عن الكثير بجوار ماتطرحه القصه من وجع إنساني ، القصة تواجه المتقابلات ، وتطرحها بمرارة ، تدخل بنا القصة ببناء سردي بسيط ومحكم  وتتجول عبر أفياء اسرة بسيطة تعاني من الفقر  / الأزمة، ويحاصر هذا الفقر الرجل ويكبله  بداية من الزوجة التي تصحو في الصباح لتقلق نومه وتعايره على فقره ، وتصور لنا القاصة حالة البؤس وكيف أن الزوجة تنتظر الفراخ لتبيض البيض لتعد وجبة الأفطار للصغار ، ومديرة المدرسة التي تستدعيه وتطالبه بالإهتمام بالأولاد  لأنهم مصابون بأمراض سوء التغذية ولاتنسى أن تطالبه بدفع المصاريف ،  وتلح على طلبها أكثر من مرة ، ثم تدلف بنا القاصة الى مواجهة أخرى وهي حاجة الولد الى بنطلون ( جينز ) ، وتسقط القاصة هنا الرمز ، وتواجه قضية أعمق من البنطلون ،  الجينز هنا رمز التغريب ، رمز الغزو ، تقول على لسان الزوجة : (( خاله احضر بالامس مجلة : كلهم فيها يرتدون الجينز )) ، وتنقلنا القاصة الى مشهد آخر لتؤكد الرمز  ، تقول القاصة : (( سمع السيد (أ) -الزوج - صبيان يتجادلان ، كانا يرتديان الجينز الأزرق .. كانا يتحدثان عن حلقة امريكية .. قال احدهم : امريكا هي الأفضل .. هناك تعيش حياتك كما تشاء .. قال الآخر ( وكان في يده مجلة لم يستطع ان يفهم لغتها السيد (أ) . رغم انه مط رقبته بشكل ملفت ) سمعه يقول : اصح ايها النائم انظر .. انظر .. المانيا فرصة ذهبية ( ثم استطرد وكأنه يحلم ) عندما أكبر سأعمل في قرية سياحية واتزوج من بنت المانية أتمتع معها بالدنيا والثراء .. وقال الآخر : كلنا سوف نفعل ذلك )) .

     هذا الصراع بين الفقر والغنى يقابله الإنتماء استطاعت القاصة ان ترمز له وتبرزه ، من خلال الطرح القصصي ، ومن خلال تكنيك بارع وقدرة فائقة على الخروج والدخول دون الإخلال بالحدث .

      هذه المقابلات نجدها أيضا في قصة : ( ( يحدث في الشارع الخلفي )) * وهنا أيضا نجد العنوان له دلالالته ، وان كانت واضحة فالشارع الخلفي هنا قاع المدينة ، مدينة ( X ) كما ترمز لها في القصة ، والقاصة مولعة بالرموز ، ففي قصة :(( صباح رشيق مرح يرتدي البلوجينز )) ترمز لزوج بالسيد (أ) ، وأعتقد أن الرمز في قصة : (( يحدث في الشارع الخلفي )) كان موفقا عنه في القصة الأخرى ، لأن الأسماء تعطي للقصة حميمية مالم يكن هناك هدف فني أو بعد ما يقصده الكاتب ، المقابالات في قصة : (( يحدث في الشارع الخلفي )) نجدها في مهرجان ((الاستاكوزا  ))  الذي سيقام في المدينة  ، ونجد الأولاد الصغار في الشارع الخلفي يسألون عن معنى كلمة(( استاكوزا )) ، فتقدم لهم أمهم شرائح (( الباذنجان )) المقلي ، وهي تدعوهم لتناول الطعام ، في المقابل نجد طفل آخر يقضم شريحة (( الهامبورجر )) ويضحك في سعادة ، وتواصل القاصة من خلال السرد التصاعدي طرح الرمز والمقابلات ، فالتفلزيون مازال يعلن عن مهرجان الستاكوزا العاشر في مدين  (x ) الجميلة ، في الشارع الخلفي الأم تهدأ من روع ابنها وتطمئنه أن والده سوف يحضر له الحلوى ، الناس في المدينة يحتفلون بالمهرجان ، وفي الشارع الخلفي تجلس الأم في رعب خوفا من الشتاء وسقف البيت المتآكل .

          أما قصة :(( رائحة المطر )) * فتدخل القاصة عاالم الطفولة البرىء لتقدم لنا لوحة جميلة لعاطفة سامقة ، ضاربة عرض الحائط بكل القيود التي يفرضها المجتمع ، فهذه العلاقة البريئة بينها وبين ابن الحلبي وهي ذات الخمس سنوات طرحت الكثير ، ووشت بواقع تحاول الكاتبة ترميزه بمفردة بسيطة / عميقة ، ووفقت في الطرح .

     هي أيضاً في هذا القصة تواجه المتقابلات .. التضاد ، أنماط وفئات المجتمع ، في محاولة للتثوير على القيد / الواقع ، لخلق من التمازج والإنصهار .. ولعل تركت النهاية مفتوحة على مصرعيها تأكيدا لرفض هذه القيود.

     أما في قصة (( شخبطة .. ثم كوب من اللون الأزرق يندلق )) * هذا العنوان المراوغ المشاكس ، يدخلنا في قصة ترسم حالة من الضياع لفتاة تتوه في القاهرة ، وسط زحامها ، وسط عالمها المزحم ، الصاخب . تبحث .. تتوه ، ولكنها لم تستطع مواجهة هذا لوحدها ، كما تقول في نهاية القصة : " بدا واضحا انها لم تعد قادرة على مقاومة الزحام وحدها .. انها تندلق مثل قطرة زيت " .

     في هذه القصة تتكأ القاصة بالعزف على المفردة في بناء القصة ، ونجدها تستخدم تقنية عالية وهي تطرح الحدث ، تحاول ترميزه ، بالضوء الأزرق المتداخل مع العنوان ، والمتأجج في الحدث رامزاً ، وموظفاً توظيفا جيداً ، لقد استطاعت القاصة طرح رؤيتها بتكنيك عالي ، وقدرة فائقة على مراوغة الحدث وإن كانت لم تستطع الهروب من ظاهرة التنامي التي تسيطر على بناء القصة عندها .

     في قصة (( رسائل قصيرة جداً إلى - أمل _ )) ( [1]) تدلف بنا الكاتبة إلى عمق النفس البشرية لتقدم لنا تداعيات ودواخل امرأة سجينة تعبر عن مشاعرها تجاه أبنتها وزوجها ، توفق القاصة فيطرح تداخل مشاعر البطلة تجاه زوجها وابنتها ، وتبرز هذا العشق الكامن في داخلها ، من خلال مدخل قصير مكثف ترسم فيه بفنية مشاعر الأنثى المقهورة وتخطيها هذا القهر بإستراجعها ذكرياتها مع زوجها / حبيبها ، ثم تدلف فى عمق القصة لتقدم لنا بناء القصة من خلال خمسة رسالة إلى طفلتها الحبيبة " أمل " مجسدة أجمل مشاعر إنسانية تجاه الرجل/ زوجها .

     فرغم أنها هي المقهورة ، السجينة ، إلا أننا نجدها أمام ابنتها تدافع عن زوجها ( يوسف ) ، وتزرع الحب في كيان طفلتها تجاهه : (( لك أن تفخري يا أمل بين كل القبائل وتدروين بين الشعاب تعلنين انك اميرة وفارسة لان أباك يوسف ، أرفعي رأسك ياطفلتي فأبوك وقف طول عمره على قدميه يكفيه أنه حر لايباع ولا يشترى )) .

     لقد وفقت القاصة في هذا الطرح المتنامي/  المتداخل مع اسلوبها الرومانسي ، فجاءت القصة رغم تقطيعا مكتملة البناء / الحدوتة .

       القاصة لديها قدرة بارعة على طرح المقابلات ، وإبراز أوجاع المجتمع من السرد المتنامي ، وقدرتها الجميلة على بلورة الحدث ، ولاشك أن القاصة ( منى سعيد ) من خلال ماطرحناه من نماوذج قصصيه لها ، لاحظنا من خلالها أن القاصة لديها خيط رفيع يربط كل ماتطرحه على الورق ، وهو أسلوبها المتميز في الطرح ، وطريقتها في السرد ، ودخولها في منطقة انسانية ثرية، واستخدامها الرمز البسيط واسقاطه على الواقع، اننا أمام قاصة مجيدة ستفرض وجودها على الحياة الأدبية وفن السرد ، واعتقد انها لو جربت كتابة الرواية ستنجح لأن لديها القدرة على رسم الأشياء البسيطة وابرازها بصورة مؤثرة وجيدة ، ودخلوها المناطق الانسانية الوعرة والتعبير ببساطة عن دواخلها .

///

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

غابة الدندنة    أخبر صديقاً عن الموقع    كتاب الزائرين  وكالة آرس     في حب الرسول  مجلة أهل الغابة    فضاءات أخرى محصي الزائرين

مرحبا بكم في موقع وكالة آرس للبحوث والنشر  ؛ وإننا لنفخر بأن نفتح معاً منطلقاً جديداً نحو ترسيخ الهوية العربية والجدة والأصالة وفرض القِيمة القَيِّمَة لثقافتنا بجذورها وامتدادها، فإن غرض هذه الصفحات هو  أَنْ تزين صورة َ خدمات المساندةَ التي نزود بها زائرينا. لذا فإننا قَدْ زَوّدنَا عــدد المصادرِ هنا كي نُساعد كافة المبدعين من ذوي الخبرة ، أو الجدد على نشر نتاجهم الإبداعي من خلال عدد من الصفحات المخصصة لهؤلاء ولأولئك ؛ كما نساعد بجد واجتهاد المهتمين من الباحثين والمثقفين والقراء.. ، والزائرين بعامة على  حــل مشاكلهم والتغلب على العقبات التي تواجههم ؛ أنتَم  أيضاً رُبَما تَحْصلُون على المساندةِ العمليةِ الجادة التي تتمنونها ؛ في مجال البحوثِ الإنسانية والأدبيةِ العربيةِ  ؛ فإذا كانت لديكم الحاجة لمثل هذه المساندة ، أو وجهة نظر أو تقرير ؛ أو خامرككم القلقُ تجاه موضوع معين ؛ أو تَقترحُون إجراءبعض التحسينات إِلى منتجاتنا وخدمتنا :  اجعلنا صديقاً حميماً يسهر على راحتك واكتب لنا بوساطة البريد الإليكترونيِ 

 Welcome to [forest of humming ]. The purpose of this web pages is to enhance the support services we provide to our visitor. We've provided a number of resources here to help you resolve problems, report bugs, and suggest improvements to our products and service. You may also obtain practical support in area of Arabic literary searches by e-mail to :  alauddineg@yahoo.com

يرجى عند الرغبة في الاستفسار عن أية أمور ، أو ظهور أية مشكلات مع الموقع أو مشكلات عملية خاصة بكم الكتابة إلينا فوراً  

*بسم الله الرحمن الرحيم ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) صدق الله العظيم * سورة "ق" /الآية 18 *  
Questions or problems regarding this web site should be directed to our Email: alauddineg@yahoo.com
Copyright © 2001 [ Alauddin Ramadan and ARS proxy ]. All rights reserved.  
موقع الدراسات والبحوث

في شبكة

وكالة آرس للبحوث والنشر

اغسطس 18, 2001 15:17

 

 

 

 

 

 

 

 

 



* - قاصة من ( سفاجا - البحر الأحمر ) .

* - مجلة (أخبار الأدب ) العدد (375) 17/9/2000

* -  نشرت القصة في جريدة (القاهرة ) العدد ( 26 ) 10/10/2000

* -جريدة( أخبار الأدب ) العدد ( 160 ) 4/8/1996م ,و مجلة ( الحوار )) العد (6 ) اقليم وسط وجنوب الصعيد الثقافي .

* - جريدة ( أخبار الأدب ) 21/2/1999م

[1] - جريدة (أخبار الأدب ) العدد 351 )  2/4/2000