القاصة وفاء الحكيم (* )

وطرح حداثي لمشاعر الأنثى

 

شهرزاد الجنوب                الدراسات والبحوث

 

     تدخل القاصة (( وفاء الحكيم )) من باب الحداثة ، لتطل علينا بسرد قصصي مغاير لما هو تقليدي فج ومستهلك ، وماهو حديث معتم ومظلم ومبهم ، فنجد تقف في منطقة محايدة ، مغايرة ، تتمرد بوعي ، وتشجب بحرفية ، تعبر في المتاح لنامن قصصها عن المرأة الشرقية وما تعانية من قهر ، بأشكال متعددة ، ترسم لنا العلاقة بينها وبين الرجل بكل مافيها من شد وجذب ، وردي وشائك .. بإختصار أنها تعبر عن ذاتها / الأنثى ، فعندما نقرأ قصة (( قطرة عالقة )) ([1]) .. نجد تطرح هذه العلاقة بينها وبين الرجل غير مباشرة و ببناء حداثي مكثف وواعي ، يرمز ولا يصرح ، يطرح مفاتيح الصراع ، ولا يدخلك البناء / الطرح ، بسهولة .. ترسم هذا الصراع بكل مافيه من شد وجذب ، وقهر لذات الأنثى ، قهر تفرضه العادات والتقاليد ، تفرضه قيود بالية ومستهلكة ، تعبر عن هذا القهر بصورة مكثفة واعية : (( الآن أصبحت - لكم كنت أتمنى أن أكون شيئا مختلفا - غير هذا الفراغ المادي الذي كبلوني به .. كنت أتمنى أن أكون قطرة ندى - توحي للعاشقين كل يوم بطعم مختلف - في شفاه ربما تمضغ فتافيت الألم .. لكن لا تلبث أن تلفظه ، وتعود تتذوق طعم الأفكار في الصفح ، في الشجن ، ومواسم العشق .. التي تخرج ثمارها من شجر أخضر لذيذ )) .

     وتطرح قيمة هذه العلاقة من منظور آخر ، وبرؤية انثوية  (( الآن حدث الخطأ الذي لم يتوقعه ولا أنا  سار في صحراء الظمأ فالتهمه الخطأ ، بحث عنه بدوني فوجد نفسه سراباً لا يشي )) .

     هذا الصراع الأزلي التي تطرحه القاصه بشكل غير مباشر ، كما طرحته من قبل الكاتبة البحرينية (( فوزية رشيد )) عبر روايتها (( قلق سري )) ([2]) ، وإن كانت بطلة رواية فوزية رشيد تمردت على هذا الوضع ، وهربت من قهرها ، على عكس بطلة قصة ( ( قطرة عالقة )) لـ ( وفاء الحكيم )) المستسلمة الخاضعة ، إلى الحد التي تقول فيه في نهاية القصة : (( إلى أن أصبحت - قطرة عالقة في المساحات الفاصلة مابين الندم ، وبرء الروح فجلست هناك أهدهده كلما انتابه الغرور أذكره بأن يديه تتحرك بتحنان يد غفرت لنا خطيئتنا الأولى .. ومازالت تغفر خطايانا الاخرى المتتالية )) .

    ولكن نجحت القاصة في طرح الرمز ، وتعبيرها عن هذا القهر / السجن الجماعي : (( الآن أصبحت - وهم يفعلون معي مثلما يفعلون مع الأخريات .. جميعا - اصبحن في خندق واحد ثم جرفتنا يد الأخير - نحو برزخ زجاجي - ذو حواف مدورة كلما استقرت أحدنا على حافة وجدت نفسها تهتز ، ووجدت نفسها تكبل أختها حتى لاتنفلت من تماسك الايدي - فتفقد اتزانها )) .

      وفي قصتها (( شيء صغير لغاية )) ( [3]) تواصل تجسيد هذه العلاقة بين الذات / الأنثى ، والرجل / الحبيب ، فتتطرح هذه العلاقة بشفافية ورومانسية وسرد غي  مباشر ، فيه شعرية ، فجاءت القصة مموسقة ، تقول لتعبر عن لحظة حميمية : (( كنت بجانبك في استرخاء شديد ، ولم يكن بالمكان إلا أنا وأنت ، كنا هادئين ، والمدى البنفسج دافئاً إلا من قشعريرة بحر شفيف )) .

      جاءت القصة تلغرافية .. ماتقطعة الكلمات ، معبرة عن اللحظة ، مجسدة المشاعر ، ولكنها طارحة خوف الأنثى ، الخوف أن لا تدوم هذه اللحظة ، لهذا تطرح سؤالها في سياق القصة : (( هل سنبقى هكذا دائما ؟ .. حتى تختفي الشمس ، والطيور ، والأشجار .. ويجف البحر .. ونمضي لتتدحرج قارورة العطر وتنزلق .. بل سنبقى ، وننسنى أن نغلق زجاجة العطر عن عمد فتظل تسكب رائحة تملأ فضاءات الروح وخطوط الأكف المتلامسة عن غير قصد )).

    ان القاصة لديها القدرة على اسقاط هذا الرمز الشفيف ، والتعبير عن دواخلها بأقل الكلمات ، فجاءت القصة مغلفة بغلالة رقيقة جميلة .. تعبر عن لحظة رائعة ، أضافت غليها موسقة الكلمات الكثير من الشاعرية .

     أما قصة (( بائعة البسكويت )) ([4]) رغم البناء التقليدي للقصة إلا أنها طرحت لحظة إنسانية جميلة ، وباسلوب ممميز ، من خلال البطل / بائعة البسكويت ، التي تراقب عربة البسكويت التي وقفت أمام المدرسة .. وهم ينزلون علب البسكويت ويدخلونها المخازن ، ثم يسلمون التلاميذ البسكويت ، وتعبر عن وجعها عندما يقول طفل لآخر سأشتري بطاطا ، بعد أن أخذ البسكويت المجاني من المدرسة ، فتقرر أمراً وهي تنظر إلى مفاتيح مخزن البسكويت.

     لقد أستطاعت القاصة طرح هذه القضية بأسلوب راقي ، ولغة شفافة ، وسرد مباشر ولكن غير مترهل ولا مستهلك .

    وبعد : لاشك أننا أمام قاصة تطور أدوتها وتستفيد كثيرا من تقنيات السرد والطرح الحديث .

///

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

غابة الدندنة    أخبر صديقاً عن الموقع    كتاب الزائرين  وكالة آرس     في حب الرسول  مجلة أهل الغابة      محصي الزائرين

مرحبا بكم في موقع وكالة آرس للبحوث والنشر  ؛ وإننا لنفخر بأن نفتح معاً منطلقاً جديداً نحو ترسيخ الهوية العربية والجدة والأصالة وفرض القِيمة القَيِّمَة لثقافتنا بجذورها وامتدادها، فإن غرض هذه الصفحات هو  أَنْ تزين صورة َ خدمات المساندةَ التي نزود بها زائرينا. لذا فإننا قَدْ زَوّدنَا عــدد المصادرِ هنا كي نُساعد كافة المبدعين من ذوي الخبرة ، أو الجدد على نشر نتاجهم الإبداعي من خلال عدد من الصفحات المخصصة لهؤلاء ولأولئك ؛ كما نساعد بجد واجتهاد المهتمين من الباحثين والمثقفين والقراء.. ، والزائرين بعامة على  حــل مشاكلهم والتغلب على العقبات التي تواجههم ؛ أنتَم  أيضاً رُبَما تَحْصلُون على المساندةِ العمليةِ الجادة التي تتمنونها ؛ في مجال البحوثِ الإنسانية والأدبيةِ العربيةِ  ؛ فإذا كانت لديكم الحاجة لمثل هذه المساندة ، أو وجهة نظر أو تقرير ؛ أو خامرككم القلقُ تجاه موضوع معين ؛ أو تَقترحُون إجراءبعض التحسينات إِلى منتجاتنا وخدمتنا :  اجعلنا صديقاً حميماً يسهر على راحتك واكتب لنا بوساطة البريد الإليكترونيِ 

 Welcome to [forest of humming ]. The purpose of this web pages is to enhance the support services we provide to our visitor. We've provided a number of resources here to help you resolve problems, report bugs, and suggest improvements to our products and service. You may also obtain practical support in area of Arabic literary searches by e-mail to :  alauddineg@yahoo.com

يرجى عند الرغبة في الاستفسار عن أية أمور ، أو ظهور أية مشكلات مع الموقع أو مشكلات عملية خاصة بكم الكتابة إلينا فوراً  

*بسم الله الرحمن الرحيم ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) صدق الله العظيم * سورة "ق" /الآية 18 *  
Questions or problems regarding this web site should be directed to our Email: alauddineg@yahoo.com
Copyright © 2001 [ Alauddin Ramadan and ARS proxy ]. All rights reserved.  
موقع الدراسات والبحوث

في شبكة

وكالة آرس للبحوث والنشر

اغسطس 18, 2001 15:17



* - قاصة من سوهاج

[1] - مجلة ( أقلام ) نادي أدب سوهاج ، العدد (11) صيف 1998م

[2] - راجع دراستنا عن الرواية بمجلة ( الكويت ) العدد ( 204 ) أكتوبر 2000

[3] - مجلة ( أقلام ) نادي أدب سوهاج ، العدد (13 ) صيف 2000م

[4] - مجلة ( أقلام ) العدد (10 ) 1997م