ظواهر فنية في لغة الشعر الحديث
د. نعــيم اليــافي
تعالج الدراسة موضوع " اللغة الشعرية
في القصيدة المعاصرة " ؛ وتنقسم إلى قسمين ، الأول عنوانه ( اللغة الشعرية سلطتها
وحدودها ) ، والثاني عنوانه ( ظواهر فنية في لغ الشعر الحديث ).
القسم الأول يضم بابين ، أولهما
الحداثة واللغة ، وثانيهما الشعرية ؛ في الحداثة اللغة يتحدث الكاتب عن محوريهما
بعزل كلٍّ منهما في فصل ؛ فصل عن الحداثة .. مفهوماتها ومؤثراتها ، وفصل عن اللغة
.. نظامها وطبيعتها – قديماً وحديثاً – في التنظير وفي التطبيق على السواء .
أما الباب الثاني الشعرية ، فيتتبع
مفهوماتها وخصوصياتها في ثلاثة فصول ، أولها يوقفه على عمل الفلاسفة فيها ، ولا
سيما في مجالات التعبير والتخييل ، وثانيها يتناول فيه عمل البلغاء والنقاد وعلماء
الألسنيات ومواقفهم إزاءها ، إزاء قضية اللغة ، ثم ينصرف الكاتب بعدها إلى جملة من
المحاور يتناول في أولها موضوع الشعرية وتأثير النظريات الزمنية ، ويتناول في
ثانيها موضوع البويطيقاواللسانية .
القسم الثاني من الدراسة عنوانه :
ظواهر فنية في لغة الشعر الحديث ، ويعرضه في بابين أولهما عن مجال الدوال ،
وثانيهما عن مجال المدلولات ؛ يضم باب مجال الدوال فصولاً عدة ، أولها يتناول ظاهرة
التكرار ، وثانيها يتناول ظاهرة الحشد ، وثالثها يتناول ظاهرة التناص.
وفي الباب الثاني : مجال الدلالات ،
يضم هو الآخر جملة فصول أولها يعقده لظاهرة الغموض ، وثانيها لظاهرة الانحراف ؛ وفي
كل باب من هذين البابين وفي فصولهما جميعاً يتتبع الباحث الظواهر في النصوص القديمة
وفي النصوص الحديثة ، ويتحدث عن مبادلات التأثير والتأثر ، ويعقد نوعين من
المقاربات / المقارنات : أحدهما متعاقب ، وثانيهما متزامن ، ليخلص إلى جلاء الظواهر
بشكل أعمق وأوضح.
وأهم ما يلفت النظر في هذه الدراسة
تملك الناقد لأدواته المعرفية ، فالحديث عن ظواهر في لغة الشعر الحديث لا بد من أن
يبدأ بتملك مواقف فكرية صالحة لمناقشتها ، فالرجل بحق يعرف تراثه ويتمسك بجذر هذا
التراث أولاً ثم يعرف مواقع خطاه في درب المعاصرة ، وماذا يتطلب هذا الدرب ثانياً ،
ويعرف ثالثاً نوعية مبادلات التأثر والتأثير وماذا يجب أن نأخذ أو ندع ، ومن هذه
العملية المعقدة تنبلج رؤيته وموقفه الفكري ، فإذا أضفنا إلى ذلك كله أن الباحث /
الناقد : شاعر مبدع أدركنا طبيعة مقاربته وخصوصيتها وعمقها في آن .
وفي الظن – وأنا مع الدارس الناقد في
كل مواقفه الفكرية – أننا لا نستطيع أن نعالج الظواهر اللغوية في شعر الحداثة إلا
بربطها بنظام اللغة العربية وبتطورها عبر مراحلها التاريخية وباستيعاب المؤثرات
الوافدة ، والشعر ديوان العرب لأنه إبداع يرتبط بوجدان الأمة وفكرها لابد حين خضوعه
للمثاقفة وللفكر من أن يفعل ذلك ضمن مفهوماتها ومعطياتها الثابتة والمتطورة معاً ،
وهو ما جاء به الباحث في هذه الدراسة .
إن كل رأي فني في دراسة ما لا ينطلق
من مسلمتين رئيستين أولاهما سلامة الرؤية وأخراهما سلامة المنهج ؛ يُعد في رأيي
منحرفاً أو غير نافع ولا مجد ؛ والدراسة التي بين أيدينا تتميز من الناحية الفنية
بسمات إيجابية أكثر مما تتسم بظواهر سلبية سواء في زاوية المعالجة أو زاوية التحليل
والتركيب ، ولقد قلنا إن الدارس فكرياً رتب أطروحته وفق علاقة الماضي بالحاضر
والغرب بالعرب ، ونقول هنا إن الدراسة من الزاوية الفنية تدل على وعي بالمفهومات
والمعطيات ومناهج النقد ورصد الظواهر وتحليلها ، وهي ذات لغة جيدة ومعبرة وتدل على
تمكن ومعرفة ودربة ومرانة في البحث والتحليل .
د. نعيم اليافي
الناقد العربي السوري المعرف ، وأستاذ الأدب الحديث والنقد
في جامعة دمشق