صـــهـــــــيـــل القــــصـــــــــــــــائد 

وكالة آرس 
للبحوث والنشر 


الشاعر
أحمد فضل شبلول

  الرئيسة
HOME PAGE
   

أحمد فضل شبلول 

  الشاعر المصري  أحمد فضل شبلول 

شاعر مصري سكندري معروف له العديد من الدواوين المطبوعة إضافة إلى حركته النشطة في مجال الدراسات الأدبية أو ذات الصلة بالآداب

الخروج من الشاشة  

 

انطفأتْ آخرُ نجمات السينما
وتهدَّلَ ثدياها
ارتعشتْ ـ عند الفجر ـ خطاها
ماتت ـ عند التصوير ـ يداها

كانت تعتصرُ الفيلمَ
وتخرجُ من وسط الشاشةِ
نسمعُ ـ في الصالةِ ـ آهاتٍ وتسابيحا
تتلعثمُ عند النطقِ فصيحا
تجلس في قصرٍ بجوار البحرِ
تعلِّقُ في هدبيها الأقمارَ،
وفي شفتيها تنمو غاباتُ الموزِ،
وأشجارُ الكاكاوِ،
وفي عينيها تعزف موسيقى الديسكو،
تضحك ـ ببذاءة طفلٍ غجري ـ
وترشُّ الجسدَ بشمسٍ مصرية
تجري خلف البطلِ،
وتوقعه فوق الأرض صريعا
تستعرضُ في الأفْقِ أناملها
وتخضِّبُ وجهَ الشمسِ
بإكلادور أظافرها
وروائح كفيها
وتدور العدساتُ على أطراف أصابعها
وتنام إذا نامت نجمتنا
تصحو عند تثاؤب خنصرها
تعدو لو سبابتها..‏
ارتفع إلى جبهتها

كان الإبهامُ هو الدنيا في ميعتها
كان يعيشُ حياةً ملكيةْ
ويعربد في الجسد السينمائيِّ
فيُسقطُ أفلاما..‏
يرفع أعلاما..‏
ويغذِّي أوهاما..‏
يحرقُ أحلاما
ويُشيرُ إلى هوليودَ وكانَ

انطفأ الألقُ..‏
وصار الإصبعُ خشبا
يتفتَّتُ حطبا
لو وضعتْ تحت الخدِّ يدا

الآنَ تيبَّسَ إبهامُ الدنيا
وتحطم عُقلا.. عُقلا..‏
نفرَ الشريانُ الأزرقُ
واسودَّ الذهبُ على معصمها
تنطفئ الآن النجمةُ فوق سماء مفاتنها
تمشي في الميدانِ
فلا أحدَ يُشير إليها
تجلس في منتصف الشارعِ
فاتحةً ساقيها
ترمي للنهر وللبحر فساتينَ السهرة،
ونكاتِ الفحش
يتشممها كلبٌ بوليسيٌّ
لا ينبحُ أو ينظرُ في عينيها

ذات صباحٍ
وجدوا فوق الأرصفةِ
عظامَ يدٍ،
مسحوقَ أظافرَ متسخةْ
أوراقَ السيناريو المكتوبِ على فخذيها
وجدوا عدساتِ العينين الخضراوين..‏
الزرقاوينِ..‏
السوداوينِ..‏
بجانبِ أبوابِ الاستوديو
وجدوا الوجهَ السينمائيَّ المجدورَ
بجانبِ صندوقِ نفاياتِ التحميضِ
وبزغتْ في الآفاقِ نجيمةُ عشقٍ أخرى
 

ماء النار على حنجرتي

 

كنتُ أغنِّي
وسمائي..‏
لم تسمعْ لحني
وبحاري..‏
تسألني صمتي
فبأيِّ حروفٍ
أخدعُ صوتي
وبأيِّ زمانٍ
أهْزمُ وقتي
كانَ الأبدُ..‏
صبيّا عندي
وأنا دهرٌ..‏
لم ينـزلْ بعدِي
أَزَلٌ أو حِقَبٌ أو عُصُرٌ
منذ الخلقِ
وحتى اليومِ الموعود
وأنا أعدو
في كفِّ الريحِ..‏
أغني..‏
وأقاتلُ شيطانَ الفنِّ
خَذَلَتْني هذا العامَ
سمائي..‏
لم تسمعْ منِّي
يصفعُني زمني
أتجمَّعُ في بدني
وأكوِّرُ نفسي
تركلُني سفني
فأعود إلى مدني
كنتُ أغني
محبوبي فتَّحَ عينيه طفلا
أبصرَني
مدَّ يديه إلى رئتيّ..‏
خَطَفَ الرئةَ اليمنى والكُليةَ
أضْحَكَني..‏
خَطَفَ اليسرى
وأنا مازلتُ أغنِّي
محبوبي.! جَلَسَ على الكورنيشِ
يُنادِمُني..‏
مرَّ علينا بائعُ فلٍّ
محبوبي.. علَّقني عُقْدًا من فلٍّ
ثمَّ رَمَاني فوق الأرْصفةِ..‏
فَدَاسَ الأطفالُ على سرِّ الرائحةِ
محبوبي..‏
كنتُ أغنِّي
أَكْتبُ شعرًا
فوق ضياءِ الكونِ
محبوبي عادَ إلى ألحاني
وَشَجَاني..‏
لكنْ خَلَعَ الآنَ عيوني
أسْمَلَني..‏
ورماني..‏
لذئابِ الوَحْشَةِ
وأنا.. وطنٌ
للعشَّاقِ
وللأشْواقِ
أنا.. دهرٌ
يهربُ من مَنْفَاهُ
إلى الأحداقِ
محبوبي..‏
ـ آهٍ من محبوبي ـ
يخلعُنِي من وقتي
ويحاصِرُني
يسكبُ ماءَ النارِ على حنجرتي
يُشعلُ نارَ الصمتِ
ونارَ الفرقةِ
في ديوانِ الشعرِ العربي

قطار من شروق


ليس نهراً
ما أراهُ الآنَ في بيتي
بل بقايا ذكرياتٍ
تتهادى
في وَدَاعة
كالصخيراتِ التي تحبو
إلى طمي الرضاعة
ثم تُنسى تحت أقدامِ السنين
هي تجري دائما حولي
وأمامي
وتراني قابعًا في الركن أحكي
عن نهاياتِ الشعاعْ
عن صحابي والرياحْ
عن بحاري والشراع
عندما كنتُ أنا
قبطانَ هذا الموجِ
واللحنِ المباحْ
عندما كنتُ أسافرْ
لقلاعٍ وحصونٍ ومنائرْ
وأعودْ
مثل نخلة
هزَّها الشوقُ إلى تمرِ الجدُودْ
هكذا كنتُ أعودْ
ناسفًا كلَّ الحدود
رائعًا مثلَ النهار
وعظيمًا كالجبل
وعنيدًا مثلَ علقم
وحنونًا مثلَ أمي

إنني كنتُ أغنِّي
وأنادي كلَّ أحفادي
في المغيبْ
فيهبُّونَ أمامي
ويسيرونَ قطارًا من شروقْ
إنهم لم يعرفوا بعد!ـ العقوقْ
هُمْ بقايا الخيرِ في نهر الخطوبْ
وبقايا الحبرِ في صفحةِ شعري
فتعالوا
نبدأُ الآن زماناً
لا يشيبْ
ليس نهراً
ما أراهُ الآنَ في بيتي
بل بقايا ذكرياتٍ
لا تغيبْ

محصي الزائرينCounter

   وكالة آرس         غابة الدندنة     الموقع : أخبر به صديقاً


شبكة الأخوين الثقافية