لك يا
منازل في القوب منازل
-
المتنبي -
"حي
النازل"
منزل من أقحوان ، ومنزل من زعفران
،ومنزل من كستناء
حي المنازل
حي المنازل
للمنازل شرفة في القلب تسكرها ذُكاء
وترى الحمام يرف حول عريشها
وسياجها
فكأنها قمر البراءة ، أو قناديل
البهاء
حي المنازل
حي المنازل
للمنازل غبطة زرقاء .. إنجيل خضيل
بالحداء وبالبكاء
[خضرة خضراء المنازل ، والمدى أخضر]
يا منزل الظل المجيد
ومنزل القمر السعيد
ومنزل الشيخ الرشيد
ويا منازل .. يا منازل
أين
أضواء المنازل ؟
أين أقواس المنازل ؟
أين نارنج المنازل ؟
يا منازل .. يا منازل
هل تساقطت المنازل ؟
هل هوى حير القرنفل ؟
هل هوت أسطورة العشق القديم ؟
وهل هوينا ؟
والماء يسبح في يدينا
[صفراء .. صفراء المنازل ، والمدى أصفر]
"لك يا منازل" : برج طاعون (تفشَّ
تفشَّ فينا مثلما تبغي)، وفتح زواحف (بيضي
لدينا واصفري)، وركام أضرحة (أقصر أنت
أم قبر ؟
أمائدة هنا أم ظل شاهدة)
خواء في الخواء وللخواء
لك يا منازل : صرخة خرساء في الخشب
العتيق ضراعة ، في الحجرة السوداء دمٌ
راعف ، في كل سيباط بكاء أخضر غبش حنون
- ما تبقى من أريج غلبر
والعشب في الأدراج يمضغه الهواء
لك يا منازل : فك قارضة ، خراب معدني
يا بلاد الزيزفون توسدي قلبي
ففي قلبي مشاتل
يا دار دارت أزهيات الدار
دار الزمان ، وشال طير الغار
يا دار أين الورد ؟
أين النار ؟
أفلت ، وغارت في الرماد : ذُكا
وتساقط الثمر الجليل ، تساقط
العنب
وتناسل الليل الطويل ، تفتح التعب
وتساقطت أيقونة الأبعاد ، وانهمر
الفضاء
كِسفاً ، تناثر المرايا
يا منازل .. يا منازل .. يا
يا دار هل نأسى على الأيام
أم نرتضى وهما من الأوهام
حلم تكسر منذ ألفي عام
يا دار عدنا ، والمدار بكا
[صفراء .. صفراء المنازل ، والمدى أصفر]
لك يا منازل
: عتبة بيضاء ، زعرور أليف ، هنهنات
تستحم بها الصبايا في حنان الجوزة
الأم التي نشرت ظلال الروح فوق
الأرض
وجه رائق كالضوء يركض في المداخل
لك .. يا منازل
يا دار قلبي في الأسى مسجون
والجرح آخاني - أنا المجنون
يا دار هل لي في المدى كانون
ألْهيّةٌ ، قالت ، وليس لكا
إلا الرماد ، وزرقة الأفيون
السر لي ، وأنا شقيق السر ، إن السر
بعض من رقاي
والشيح لي ، وأنا ابن هذا الشيح ينبت
في خطاي
ويقودني من مبتدا الأحلام حتى منتهى
الآلام .. حتى منتهاي
ويطير بي لفضائه أسل
وأقول افرح أيها الرجل
فمدارنا أبهى من السكين
أرحب من مدى إبرة
وأقول افرح أيها الثمل
فسماؤنا أدنى من الفكرة
[صفراء .. صفراء المنازل ، والمدى أصفر]
"هَلَكْ
شالوا على مكحول
.. يا شير
وخلّوا لك من عظام العِير
.. يا شير
ولو تبكي بكلّ الدمع
.. يا شير
هَلَكْ ما عاد لك منهم رَجَا"
من
شعر عبد الله الفاضل
لم
يتركوا قوساً تُقَبِّلُ ركبتيه
أو كوكباً من إلفةٍ تحبو إليه
أو من منار أو جدار أو زقاق
تركوا القوارض في الزوايا
وحموضة الدم ، دورة الصدأ المكرر في
الحنايا
وتريد تغرق في العناق
ولا عناق
ولا عناق
اشرب رعافك كله
اشرب غبارك كله
حتى الثمالة
لا شيء يحتمل احتراقك
لا فضاءَ يزيح هذا الاختناق
حي المنازل
حي المنازل
مجدها ريش تهافت ، حلمها أشلاء
حي الأصائل
سوداء صارت ، والرؤى سوداء
[صفراء .. صفراء المنازل، والمدى أصفر]
لك يا منازل ما يشاء الحب والرب
الرؤوم من الندى
أو ما يشاء العصف والسيف المجرد فوق
أعناق الأيائل
لك يا منازل
حي المنازل
منزل من اقحوان
ومنزل من زعفران
ومنزل من كستناء
حي المنازل
حي المنازل