الإتقان
يبدأ عند
أطراف
الأصابع
يحلو
للكثيرين
التحدث عن
أهمية إتقان
العمل و أدائه
على أكمل وجه
فما أسهل
النصيحة وما
أحلى مذاقها ..
ولكن يذهب الفكر
دائما إلى
إتقان العمل ..
العمل
أي "الشغل "
بالتعبير
الدارج وخاصة
إذا كان يدوياً
فنجد أن
الحديث عن الصناعة
أو المنتج
بوجه عام ..
ولكن
يقول المصطفى
صلى الله عليه
وسلم :"إن الله
كتب الإحسان
على كل شيء"..
والإحسان هو
الإتقان
الجميل .. هو
درجه من
الإتقان لا
يحتاجها
العمل لأنها
عبرت حدود الجودة
والإجادة إلى
الترف المتقن
.. وهي مكتوبة
على
كل شيء .. وشيء
كلمة نكرة
مفتوحة لكل ما
يقوم به المرء
حتى التنفس ..
لا تضحك .. من رحمة
الله بالعباد
أننا لا نسيطر
على تنفسنا
وإلا
لأفسدناه
بعدم الإتقان
.. وإن
كنت لا تصدق
جرب أن تسحب
شهيقاً ثم
زفيراً ..
وتكررها
ستجدها عملية
متعبة ومملة
ولا
تستطيع أن
تحافظ فيها
على ايقاع
ثابت .. بل سيضطرب
تنفسك وضربات
قلبك .. ولن تعود
منتظمة
متناغمة
متقنة إلا
عندما تزول سيطرتك
عنها ..
إذن
فوصول
الإنسان إلى
الإتقان
هو مطلب منطقي
إذا أراد حياة
سعيدة سهلة ..
نعم فإن آداء
العمل على أكمل
وجه
يجعل التعامل
معه بنفس
بساطة التنفس
.. وقديماً قيل
" أكثر الحلول
عبقرية هي أكثرها
بساطة ".
قال
رسول الله صلى
الله عليه
وسلم: "رحم
الله امرء عمل
عملاً
فأتقنه" .. لأن
الإتقان أهم
عوامل النهوض
بالأمم.
والإعلام
بشمول
واستحقاق رحمة
الله لكل من
اتقن بدعاء
سيد الخلق صلى
الله عليه
وسلم لهي
جائزة تستحق
من كل واحد
فينا محاولة
نيلها يبذل
قصارى الجهد.
وأني
لأتعجب من بحث
ابن آدم
المستمر عن
السعادة في
الدنيا ويغفل
عن مواطن دعاء
الرسول
..كدعاء
الإتقان
ودعاء البكور
( اللهم
بارك لأمتى فى
بكورها ) ورحم
الله داعياً صلى
الله عليه
وسلم
مستخدماً لفظ
الجلالة
وليس صفة الله
سبحانه تعطي
معنى شمولي
للرحمة فهي في
الرزق ..
والعلم .. والصحة
.. و ... وبقى في
الحديث نقطة
أخيرة تستحق التأمل
.. فدعاء
الرسول صلى
الله عليه
وسلم رحم الله
امرء .. تعود
على غير المسلم
.. يا إلهي نعم
فالمرء هو
الإنسان على
طلاقة صفاته ..
إذن هي قاعدة
عامة .. إن رحمة
الله تشمل كل
من اتقن وكلمة
عمل تشمل كل
عمل ..
فالتفكير عمل
.. والتفكر
عبادة ..
فهل
تفكر باتقان
ام بشكل مهلهل ؟
لو أتقنت لسمت
علاقتك بالله
سبحانه وتعالى
بالتدبر و
التفكر .
اجرى
أحد الصحفيين
لقاء مع
(أينشتاين )
صاحب النظرية
النسبية
المعروفة ،
والصحفى – وهو
محمد حسنين
هيكل – يقول:
اعطانى ربع
ساعة فقط ،
وهو الوقت
المخصص لكى
يتمشى فى
الغابة المحيطة
بمنزله ..
وبدأته
بالسؤال
سالته: كيف
توصلت إلى
النظرية
النسبية ؟
فضحك
وقال : إنها
نظرية معقدة
وعميقة وقد
عجز
المتخصصون عن
فهمها ، إلا
القليل منهم ،
وأنت شاب لا
يتجاوز عمرك(25)
سنة تريد أن تفهمها
هكذا ،
فقلت
له: لا أريد أن
أعرف ما معنى
النظرية
النسبية ،
ولكنى أريد أن
أعرف كيف
توصلت إليها ،
وما هى
الآلية
والسبل التى
استخدمتها
للوصول إليها
؟
فأجاب
قائلاً : هذا
السؤال يستحق
الإجابة عليه
، فعلى مدى
سبع سنين كاملة
، كنت فى طور
البحث
والتنقيب
والسعى لحل هذه
العقدة ، وعلى
مدى سبع سنين
أخرى كنت منشغلاً
بمحاورة
العلماء من
شتى المستويات
ومختلف
التوجهات ،
سواء فى داخل
أمريكا أم
خارجها..
استمر
أنشتاين لمدة
سبع سنين بالبحث
العلمى
ومطالعة
الكتب ،
أعقبها بسبع
سنين أخرى
بالحوار والحديث
مع مختلف
العلماء ،
وبعد ذلك قال
بأنه كان
ينتظر لحظة
(إلهام إلهى)
كجانب غيبى
وأنه كان
بانتظار تلك
اللمسة
الإلهية التى
تفيض عليه
بتلك
المعلومة ،
ويؤكد أن القضية
اشرقت فى ذهنه
فجأة وخلال
أيام قليلة
توصل إلى ما
بحث عنه مدة 14
سنة .
فكان
قوله: كنت
انتظر لحظة
إلهام.. لكن
هذا الإلهام
لا يأتى
عفوياً بل
يحتاج إلى بحث
مستمرأو
(متقن); فلم يكن
الاكتشاف الذى
هز العالم إلا
بعد ملاحظة
وبحث ولقاءات
وتفكير وتدبر
ومناقشة ، ثم
بعد ذلك تجده
ينتظر لحظة
إلهام إلهى.
هذا
قول عالم
يهودي .. أتقن
وبحث ولم
يتوانى وكان
متأكداً من
المعونة
الإلهية
لأنها منطقية
ومتوقعة
بعد العطاء
المتقن من
الإنسان .
ولنأخذ
مثالاً آخر عن
كيفية التأمل
والإتقان
فى مرحلة
التفكير
ومرحلة تحليل
النصوص :
لعلنا قرأنا
ولمرات عديدة
الآية 29 من سورة البقرة
( خلق لكم ما في
الأرض جميعاً
) وهي آية واضحة
, والكلمة ( لكم )
ذات
الثلاثة أحرف
, تحتاج إلى
تأمل وتوغل ,
فتأمل الإمام
الشيرازي –
العالم في الفقه
الاقتصادى –
في كلمة ( لكم )
وبطريقة مباشرة
من القرآن
الكريم أدى
إلى استنباط
بعض الأحكام
الفقهية
الإقتصادية
التي تعد من
البنية
الإقتصادية
الأساسية هذا
اليوم , ويمكن
القول بأن
الغرب يعد هذه
الاكتشافات
الفكرية من
أهم إنجازته
على الصعيد
الفكري و
الحضاري وهي
موجودة في
القرآن
الكريم من قبل
وبكل سلاسة
وبساطة لكنها
تحتاج إلى نوع
من التأمل
واستخدام منهج
فقه الحديث
فلو تفحصنا
هذه الكلمة
لاكتشفنا
منها إشارة
قوية جداً لـ (
حق الأجيال
القادمة ) في
ثروات الأرض
وعدم جواز استهلاك
جيل أو جيلين
للثروات
والمعادن الطبيعية
كالنفط وغيره
, ولم تكن هذه
القضية متداولة
في السابق كا
هو الحال الآن
بل لم تكن
مطروحة ولم
يكن في حسبان
أحد يقتنصها
من
القرآن
الكريم
مباشرة .
لنفرض
أن دولة ما
بإمكانها
استخراج
واستثمار
ثروات الأرض
وإنفاقها في
مصالح العباد
فإن كانت هذه
الدولة شرعية
فسوف تصرفها
في مكانها المناسب
, وإن لم تكن
كذلك فسوف تصب
ثروتها في حسابها
الخاص فأين
موقع الأجيال
القادمة
إذن ؟ وما هو
مصيرها ؟ إذ
لابد من أخذها
بنظر اعتبار ؟
الخطاب
القرآني ( خلق لكم
) ليس خاصاً
بجيل معين بل
يشمل البشرية
على مر
التاريخ –
وهذه حقيقة
مسلمة في
الخطابات
القرآنية
عامة - , فإن كان
كذلك فالخطاب
للبشرية على
مر التاريخ (
وما في الأرض
جميعاً ) وقد
خلق ( لكم )أي للبشرية
على امتداد
اجيالها وليس
لحيل واحد فقط ,
فكيف يحق
التصرف بكل
ثروات الأرض
وصرفها على
جيل معين فقط
؟!
هذا
الاستنباط
أساسي في
البنية
الفكرية
الإقتصادية ،
وهو واضح جداً
وهذه إضاءة
واحدة لكلمة (
لكم ) وللإمام
الشيزاري
استنباطات
عدة من هذه
الكلمة وكلنا
يستطيع الاستنباط
ولكن بشرط
التمسك
بالحديث ( رحم
الله ارمءا
عمل عملاً
فأتقنه )
ورحمة الله
تتجلى
بأشكالها
المختلفة
ومنها أن يفيض
علينا من
مخزون علمه ..
هل هو
خيال
مستحيل أن
نحاول إتقان
عملنا – أي
حياتنا – لحظة
بلحظة يومياً
.. سيرتفع معدلنا
بالتدريج ..
ويصبح الإتقان
عادة وعبادة ..
لو بدأنا من
لحظة الاستيقاظ
.. نحسن
و نتقن كل
خطوة بسيطة في
آدائنا
اليومي بداية
من التطهر
والطعام إلى
العمل الذي
نتقاضى عنه
الأجور ..
مروراً
بمعاملة كل من
نلاقي من أهل
وأصحاب وناس
في الشارع ..
دعوة منا
لأنفسنا ولكل
من يتابعنا ..
فلنجعل
لليوم تقدير
مئوي نتابعه
في
شهر كامل ونرى
كم سترتفع
النسبة ولم
تنخفض .. يقول
علماء السلوك
أن تمرين
النفس على صفة
لمدة شهر
يجعلها عادة .
فتعالوا
نجعل الإتقان
عادة فهو
البداية والطريق
إلى
رحمة الله في
الدنيا و
الآخرة .
منقول
عن موقع عمرو
خالد: