عندما اصبحت ألأماره البادينيه تحت سيطرة الدوله العثمانيه قسمت الى خمسة اقضيه هي زاخو ودهوك وآميدي وئاكرى والشيخان وكان في كل قضاء تشكيلات اداريه وعلى النحو التالي :
١- ألأداره : وتنحصر أعمالها بالقائممقام والذي كان يعين باداره سينيه من استانبول ولايشترط فيهم الكفاءه.
٢- المحاكم الشرعيه : كان القا ضي يعين من قبل شيغ ألأسلام في استانبول وتكون مدة حكمه سنتين ثم يفصل , ولما كان ألأكراد شافتي المذهب فلا يعملون بقضاء
هؤلاء القضاة ويتقاضون الى علمائهم ويخصص لهم راتب بين ٣٠٠ – ٥٠٠ قرش
٣- الماليه : الدوله العثمانيه اصابها العجز والوهن واضحت الخزانه خاليه , لذلك لجأت الدوله الى اتباع كافة الوسائل القهريه من اجل تحصيل الضرائب وفرضت ضرائب جديده , مما حدى بكثير من ألأهالي الى ترك قراهم وممتلكاتهم الزراعيه ,
وكان مدراء المال يضربون الرقم القياسي في ألأرتشاء , وقد يشترون وظائفهم من دفتر دار.
٤- الظبطيه الشرطه : وكان في كل قضاء ثله من افراد الشرطه يزرد عددهم على ثلاثين ضيطيا تحت امرة ملازم أول يوز باشي , والضبطي الكردي اهون شرا من التركي.
٥- الطابو : ان تسجيل الناس املاكهم في دائرة الطابو كان نادرا وغير مألول , وكثيرا ما كان المتنفذون يستغلون عقود اصحاب المقاوله ليسجل املاكهم دون علم مالكيها باسمائهم.
٦- التجنيد : لم يكن لها دور يذكر لانه لم يكن هناك تسجيل للنفوس والذي يكون شرطا لسوق المواليد.
لقد عانى سكان منطقة زاخو من المصائب وألأهوال ما عانى منها بقيت انحاء كردستان واول عمل تخريبي للمنطقه كان باطفاء الشعله المتأججه باهمال المدارس كليا وانطفأة شعلة النور وساد الجهل وعم الظلام فكان الخطوه ألأولى نحو الجريمه ففقد ألأمن واصبحت الطرق غير آمنه وكثر قطاع الطرق وساءت الحاله الصحيه للمواطنين
كثيرا, كما دمرت القرى وانخفض ألأنتاج الزراعي بشكل كبير واصبح الوضع يزداد سوءا يوم بعد يوم منذ سقوط أمارة بادينان , وساذكر لاحقا ما آلت اليها اوضاع المدينه.
شمدين آغا
أنتقل اجداد هذه العائله من منطقة سليفا من كردستان تركيا حيث وصل جدهم بكر الى منطقة السليفاني وسكنوا في قرية كولى بعدها هاجر حفيده الى منطقة عقره حيث تزوج المدعوا حاجي من امرأه من الزيبار ورزق بعدد من ألأولاد وهم شمدين وفارس وزيباري
وبيروز وبعد وفاة والدهم ضاقت بهم السبل وقطعت بهم أسباب المعيشه , واصبحوا يعيشون في فاقة, ولما علموا انهم قد قدموا من منطقة السليفاني قرروا العوده اليها ثانية حيث استقبلهم احمد البابلي عند وصولهم الى قرية قاديا وسكنوا فيها مؤقتا بعدها انتقلوا الى قرية كولي.
كان شمدين راعيا يعيش بين افراد القريه بهدوء وسكينه وكان متدينا وقورا يعد من الصالحين ويتصف بالاخلاق الفاضله ولقد انعم عليه الشيخ نورالدين البريفكاني بالبركات وعين لادارة شؤون القريه عند زيارته مع رجال القريه للشيخ نورالدين .
لقد بدأ حكمهم لمنطقة زاخو بعد القضاء على نفوذ ابراهيم آغا السليفاني ومنهم من صلح في تولي ألأمور ألأداريه وافاد واستفاد ومنهم من اتبع هواه وشذ عنهم فأبعدوا عن مراكز الحكم والسيطره .
أنتقل شمدين آغا الى زاخو واجتمع به ألأهالي وساعدوه على انشاء دار له في محلة السوق . لقد احبه ألأهالي لسلوكه وصدقه وحسن سيرته وبعد وفاته خلفه نجله الحاج يوسف حيث انعم عليه السلطان العثماني بلقب باشا ومنحه الوسام الخاص بذلك.
محمد آغا يتولى الحكم في المدينه
وبعد وفاته تولى شؤون المدينه رشيد آغا وكان المرحوم محمد آغا يتولى رئاسة البلديه في عهد يوسف باشا. ولكن رشيد آغا تنازل عن الحكم لاخيه محمد آغا في العهد العثماني وكان محمد آغا رجلا ذكيا صلب ألأراده قاسيا بعض الشيئ مع ألأهالي
حيث جمع بين الحكمه والقسوه والصلابه في آن واحد , لقد تولى الحكم في فترة تاريخيه متميزه حيث تمكن وبحكمه من ألأستفراد بالحكم واعتمد على شخصيته في ألأداره وكان هناك مثل يقول محمد ئاغا ئاسني بساري دضمينت
كان اعتماد ألأنكليز على الزعماء المحلين كبيرا وتم دعمهم وألأستفاده من مراكزهم ولقد استفاد محمد آغا من هذا الدعم كثيرا حيث سطع نجمه وتوسعت صلاحياته, انتخب نائبا عن المنطقه في الدوره ألأولى لمجلس النواب العراقي بعد حصوله على
٢٩٣ صوتا , توفي عام ١٩٢٤ أثر سقوط الطائره التي كان يستقلها من بغداد الى الموصل ودفن في مقبرة المدينه في تشيع مهيب شارك فيها معظم أهالي المدينه .
كان له دور في انشاء الجسر المعلق في زاخو لذلك كان يسمى جسر محمد آغا ايضا, كما عمل على احتواء هجرات المسيحين ووفر لهم الحمايه وانقذهم من حملات ألأباده , وبذلك حصل على الوسام البابوي في
٢٤/١٠/١٩٢٥ وبعد وفاته تولى نجله حاجي شمدين آغا الوسام البابوي نيابة عنه, وعين رئيسا للبلديه من سنة
١٩٤٨ - ١٩٥٨ حيث اقيل بعد الثوره, كما انتخب حاجي شمدين آغا نائبا للدورات ١٠,
١١, ١٢, ١٣, ١٤, ١٥, ووافاه ألأجل في ودفن في مقبرة المدينه بحضور جمع غفير من اهالي المدينه .
النجم الساطع
لقد سطع نجم هذه العائله وبلغت اوجها بوصول المرحوم حازم بك الى مقاليد السلطه. ولد المرحوم في زاخو عام وانتخب نائبا للدورات ١, ٢, ٥, ٦, ٧, ٩ عن المدينه وانتمى الى حزب التقدم سنة
١٩٢٥ ثم حزب الوحده الوطنيه عام ١٩٣٤ واخيرا ارتقى الى منصب وزيربلا وزاره في عهد رئيس الوزراء توفيق السويدي.
لقد أثرى المدينه بأعماله المجيده وخطط لمستقبل افضل لهذه المدينه بذكاء وحكمه , كان المرحوم رجل علم ودرايه عمل على حرق الزمن وتخطيها لايصال الركب الى العلى ولكن فرسه كبى ولم يتحقق حلمه ولم يستطع اكمال المسيره حيث وافاه المنيه في عمر
مبكر . ولم يكن يتردد في مديد المساعده لمن يطلبها , وألأهالي كانوا فخورين به وبما تجود اياديه الكريمه, وما ان يحل بعائلة ضيم او خطب او يشتد عليه الفقر الا وطرق بابه حتى سمي بابىَ فه قيرا لقد تطلع بذكاء الى مستقبل المدينه وخطط لها
ويعتبر أول من وسعها عمرانيا . ولقد تنبه الى الموقع الزراعي للمدينه وعمل على ايجاد قفزه نوعيه لتحسين وزيادة ألأنتاج واتباع افضل الطرق لذلك .
ولابد ان نسرد بعض اعماله
تم استيراد مجموعه من ألآلات والمكائن الزراعيه جرارت وحاصدات وبذارات ومن افضل المناشئ فأخذت بذلك تطورا كما ونوعا , ولاول مره أنشأ مصالح زراعيه في السليفاني والسندي .
١- عمل اول حقل لانتاج الصيصان - ربما كان المقس ألأول في كردستان .
٢- أستيراد أنواع من ألأبقار ألأجنبيه كنواة لنشر هذه السلاله في زاخو وسميت بالابقار الخابوريه ولايزال قسم من انسابها موجودا .
٣- انشاء مزرعه لتربية وتحسين ألأغنام حيث كانت تضم اكثر من ٢٠٠٠ رأس غنم .
٤- ادخل انواع جديده ومحسنه من البذورخاصة الحنطه حيث كان ألأنتاج الوفير المحسن
ولاول مره ادخل زراعة القطن الى المنطقه حيث ساهم الطلاب في الجني مستفيدين من اجور عملهم .
٥- ادخال العديد من اصناف الفواكه المحسنه والمستورده كالعنب والجوز والقوغ السبيندار
٦- عمل على توفير المياه لانشاء العديد من المشاريع الزراعيه وذلك
٧- فتح الساقيه الشرقيه للخابور عام ١٩٣٣ والتي سميت ساقية حازم بك
٨- شراء الساقيه الغربيه مناصفة مع الحاج خضر سعدالله وترميمهاواعدادها لارواء المئات من الدونمات في المنطقه آشى جمي.
٩- وببصيرته ايقن ان المدينه لايمكن ان تبقى محصوره في الجزره الوسطيه وانها لابد ان تتوسع ووضع الخطوات ألأولى لذلك
بأقامة جسر يربط الجزره الوسطيه بالضفه الشرقيه .
قام بتوزيع ألأراضي السكنيه على المواطنين مجانا تقريبا لترغيب ألأهالي بشرائها .
قام بانشاء عدد من الدور السكنيه الحديثه في المدينه لتأجيرها للموظفين
١٠- انشاء مطحنه تعمل بالكازوايل وحول في وقت مبكر الى معمل للثلج وبذلك خفف المعانات عن كاهل المواطنين .
١١- ساهم لاعداد مشروع لفتح الشارع الرئيسي في المدينه والذي يربط بين جسري الفاروق والسعدون .
١٢- لقد عمل على ربط المدينه بخط من ألأنابيب لنقل المياه العذبه من عين تلكبر الى مركز المدينه, ولاول مره اصبح ألأهالي يشربون مياها صافيه شتاء وبارده صيفا ولاول مره يزيد هذه المياه عن حاجة المدينه ويعاد الزائد منها الى الخابور.
وكان المرحوم متسامحا مع مناوئيه بعيدا كل البعد هن ألأنتقام والثأرويعتبر نفسه احد ابناء هذه المدينه يشاركهم ألأفراح وألأتراح ويحترم الجميع , وفي عام ١٩٤٨ عندما قامت المظاهره ضد معاهدة بورت سموث وتحولت
ضده بعد ان هاجم المتظاهرون السيارات المحمله بالحنطه والعائده له, استفز البعض العشائر للهحوم على المدينه واستعد ألأهالي استعدادا تاما لها الا ان حامز بك عندما علم بها اجهض العمليه, وعلى أثرها قام بتوزيع الحنطه على الفقراء .
كان المعلمون والموظفون يحضرون الى الديوان في داره أيام الجمعه وتكون مناسبه للتحاور معهم , وكثير من المحاكمات والمنازعات العائليه تفض في داره .
والباقيات الصالحات
ولقد افل نجم هذ القائد العظيم في ٢١ مايس عام ١٩٥٤ في الموصل ولقد عم الظلام المدينه بعد نور وبدأ الشيب والخراب في اوصال هذه المشاريع تدريجيا الى ان اضمحلت نهائيا ولم يبق منها
الا ذكرى عطره لرجل عظيم عمل باخلاص لخدمة بلده ويبقى ذكراه حيا في ذاكرة ألأبناء . ودفن المرحوم في موكب مهيب في مقبرة المدينه واعلن الحداد الذاتي لمدة عام فلا زواج ولا سيرانات وتم عمل نصب تذكاري له في الحديقه العامه للمدينه والذي لايزال شاخصا قد اعتراها الشيب وكتب على احدى اللوحات المثبته في احدى
جوانب النصب مناقب الفقيد وحياته بادء بعبارة الباقيات الصالحات , والحق يقال انه كان قائدا مثقفا لشعب جاهل , وخلفه ابنه ديندار حازم بك والذي رشح نفسه للانتخابات النيابيه عندها انسحب المرحوم حاجي شمدين آغا من المنافسه وبذلك فسح المجال امامه للفوز بالمقعد بلا منازع . وبعد ثورة تموز عام
١٩٥٨ تم القاء القبض على معظم الرجال من عائلة شمدين آغا واحيلوا الى محكمة امن الدوله في كركوك , الا ان المحكمه اطلقت سراحهم لعدم وجود ادله ألأدانه ضدهم . وبذلك انتهى حكم هذه العائله فعليا ولايزال احفادهم
يحضون بتقدير واحترام من اهالي ألمدينه , ولايزال ذكرى حازم بك عالقا في ذاكرة ألآباء .
|