إعداد / علاء الدين رمضان السيد
· تقرير حول البحث ومادته العلمية
لقد نظر الجاحظ إلى وظيفة التأليف الأدبي
من زاوية مغايرة لما كان سائداً في عصره من نظريات متعلقة بمهمة التأليف ودور
الكتاب ، تلك التي اعتنقها كتاب عصره إذ عنوا في كتاباتهم بالتثقيف الإدلائي
والتلقين المعرفي بينما كان الأسلوب الأمثل للتأليف عند الجاحظ هو الذي يثبت فيه
الكاتب قدرته على إسباغ روح العصر على كتاباته كي لا تتحول إلى نسخة نمطية مكرورة
من العلوم المنقولة رواية عن العرب في العصور السابقة عليه ، وقد اجتهد الجاحظ في
إبراز شخصيته وفلسفته ، ثم أراد التعبير عن موقفه إزاء أنماط السلوك البشري في ضوء
الحياة الاجتماعية التي يعيشها أهل عصره ؛ وتم له ذلك من خلال عدة أبعاد منها
أبعاد مذهبية بتوضيح القيم الاجتماعية للمعتزلة ، ومنها أبعاد ثقافية بالاقتباس
والتأثر بالفلسفة والمنطق اليونانيين ؛ ومنها أبعاد لغوية بالاهتمام بالتعبير
اللهجي والتأكيد على ما يسمى بطاقة اللهجة وقد كان الجاحظ من أوائل الكتاب الذين
حذروا من ( تفصيح ) النص اللهجي وطالب بالإبقاء عليه إبقاءً على ما يحمله النص من
مدلولات لا تحمل قوة أدائية إلا في قالبها اللهجي .. كما اهتم الجاحظ بعدد كبير من
المظاهر البيئية والاجتماعية فجاءت كتاباته مصطبغة بصبغتها ؛ ولذلك لا نرى كاتباً
في عصره أو العصور التي لحقته استطاع أن يبني تصوراً كاملاً ودقيقاً جداً في بعض
المواطن الاجتماعية ، من خلال كتاباته ، مثلما فعل الجاحظ ؛ ومن هنا تنبع الأهمية
الدقيقة لدراسة الحياة الاجتماعية في العصر العباسي مأخوذة صورتها التقريبية من
كتابات كاتب ضليع له باعه الكبير في التأليف المنوع والموسوعي في ذلك العصر مثل
الجاحظ .
وقد تبلور هذا البحث في مهاد يقدم توطئة
لموضوع البحث ويشتمل على حديث عن ثقافة الجاحظ وأهم ما تشتمل عليه من مظاهر ؛ ثم
حديث عن كتاب البخلاء حاولت أن أضيف من خلاله جديداً فيما يتعلق بتحقيق زمن تأليفه
كما تحدثت عما رأيته في كتاب البخلاء فيما اصطلحت على تسميته بـ"البعد
الإشاري"،وهو بعد متأصل في ثقافة الجاحظ ، إذ كان له دور رئيس في أيديولوجية
كتاب البخلاء وخطابه الثقافي ، وأشرت إلى بعد آخر عنده هو البعد الكاريكاتوري ،
فقد كان الجاحظ يصطنع نماذج كاريكاتورية تجعلنا نستطيع أن نكتفي في كل باب من
أبواب الحياة الاجتماعية بنموذج واحد منها فنجد أن نموذجنا منه مكتظ بالدلالة ؛
لشموله المبالغ فيه ، وفرط إلمامه بموضوعه ؛ ثم انبنى البحث في ثلاثة أبواب رئيسة
، كل واحد منها يقدم جانباً من جوانب التجسيد البيئي للمجتمع العباسي في تلك
الحقبة ، وهي :
أولاً : البيئة الاجتماعية في عصر البخلاء .
ثانياً : من الأنظمة المدنية في ذلك العصر
.
ثالثاً : الحالة الثقافية والفكرية في
المجتمع العباسي .
كما أنني ألحقت ثبتاً بالمصادر والموارد
التي سار في نور علمها هذا البحث المتواضع ؛ وإنني أرجو في الختام أن أكون قد وفيت
الموضوع حقه بحثاً ودرساً وعناية ، وأن يكون تقصيري فيه مغفوراً وجهدي فيه منظوراً
ومقبولاً ..
والله ولي التوفيق .. ..
علاء الدين رمضان السيد
للحصول على مجموعة
مؤلفات ( علاء الدين رمضان ) البحثية ، أو الإبداعية ،
اكتب
إلينا عـبر البريد الإلكتروني .. ، نحن في الانتظار
إذا
كنت باحثاً فصلياً أو أكاديمياً فابحث عن عون لكم مع صديق
إحدى خدمات وكالة آرس للبحوث والنشر
Research & Publishing
Proxy
2001